يواجه أهالي حاصبيا ومرجعيون مشقّة نقل أبنائهم إلى المدارس. وفيما يستغل أصحاب الفانات استقطاب الأولاد، لا تعرف وسائلهم المعاينة الميكانيكية
مرجعيون ــ عساف أبو رحال
مع حلول العام الدراسي، ترتفع صرخة الأهالي في مواجهة استحقاق يفرض نفسه بقوة: مخصصات النقل إلى المدارس. لا تلتزم غالبية المدارس الخاصة في منطقتي حاصبيا ومرجعيون مهمة نقل التلامذة وتحيلها على عاتق أولياء الأمور ليتدبروا أمر أولادهم. يحدث هذا الواقع تبايناً في المواقف بين الأهالي من جهة وأصحاب الفانات الذين يستغلون الفرصة لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الأولاد من جهة ثانية. لكن وسائط نقل هؤلاء تحتاج إلى كل شيء من شاكوش الحداد إلى بوليصة التأمين علماً بأنّ بعضها غير شرعي ولم يعرف يوماً دائرة المعاينة الميكانيكية. إذاً المدرسة غير مسؤولة عن نقل التلامذة، والأهل همهم إيصال التلميذ إلى المدرسة، والسائق يسعى خلف مردود مادي متناسياً جملة مطالب قد توقعه إحداها في مأزق يدفع التلميذ ثمنه حيث لا تنفع الندامة.
تغص الطرقات العامة صباح كل يوم بحافلات تقل تلامذة المدارس، قد يكون مظهر إحداها لافتاً للنظر، فيما الباقي لا يصلح أن يباع خردة. مئات التلامذة ينتقّلون باكراً من قرى العرقوب إلى مدارسهم، في مهمة يومية صعبة وشاقة عليهم وعلى ذويهم. ينهضون في الخامسة والنصف صباحاً ليستقلوا حافلات إلى مدارس مرجعيون وسط أجواء باردة وماطرة. أما طريق العودة، فلا تختصر أياً من المنعطفات إلى القرى لينتهي المطاف عند الرابعة بعد الظهر حيث يكون التلميذ قد أمضى يومه متنقّلاً بين القرى ذهاباً وإياباً، فيعود منهكاً متعباً مثقل النعاس، لا يقوى على فتح كتاب أو التحضير ليوم مدرسي جديد.
وبالنسبة إلى موقف الإدارات من قضية النقل، أوضحت مديرة مدرسة راهبات القلبين الأقدسين في مرجعيون أملين طنوس أنّ المدرسة لا يناسبها نقل الطلاب بالطريقة التي يعتمدها أصحاب الفانات، وإذا تعهدت المدرسة هذا الشق وفق الأصول القانونية، تترتب زيادات على عملية النقل تضاف إلى التسعيرة الحالية، وهذا الأمر خارج عن مقدور الأهالي.
من جهته، أوضح مدير الكلية الوطنية موريس دبغي أنّ الزيادة على الأقساط تتبع قانون الموازنة المدرسية، والمدرسة تجري خفضاً آخذة بعين الاعتبار وضع الأهل والمدرسة مع الحفاظ على حقوق المعلمين، وهذه سياسة لا تبغي الربح، حيث إن المشاريع التطويرية القائمة في المدرسة ليست من المداخيل بل من أصدقاء المدرسة. وقال: «كل شأن يخرج عن إطار التعليم لا نتعاطى به، ومسألة النقل مرتبطة بقدرات الأهل، وإدارة المدرسة درست وضع الباصات والنقل بالطريقة الآمنة التي توفر الراحة والمراقبة والمرافقة والتأمين للتلميذ ووجدت أنّ الأمر مكلف ثلاثة أضعاف الواقع الحالي وهذا ليس ضمن مقدور الأهل».
أمام هذا الواقع، يجد أولياء الأمور أنفسهم مجبرين على التزام نقل أولادهم وعلى نفقتهم الخاصة، وبالطريقة المتوافرة التي هي أصلاً غير مؤهلة، وبعيدة كل البعد عن الأوصاف الشرعية، ما دفع ببعض العائلات إلى تغيير مكان إقامتها والانتقال إلى المدينة على أمل توافر فرص العمل من جهة وتعليم الأولاد من جهة أخرى، وهذا الأمر انعكس سلباً على حياة القرويين المقيمين في قراهم وهم باتوا قلة قليلة في فصل الشتاء.