مازن السيّدهذه هي العلاقة الماجنة بين العقل والمعدة والقلب، مرسالهما الأعرج. هي العلاقة التي علمتني التناغم بين الـ«ماكدونالدز»، والانهزامية بين الزعتر والجنوب، أثبتت لي التناقض بين الكتشاب و«دم الشهداء»، وأكدت لي أيضاً أنّ من تأكله معدته يلتهمه الجوع ويضيع الفرق بين عقله ورغيفه. لذلك ستظل المسافة التي تفصل مدينة طرابلس عن الضاحية الجنوبية أقلّ بكثير من تلك التي تفصل الفيحاء عن باريس وواشنطن، وهذا رغم محاولات التقرب المستحدثة. لأن الضاحية كما طرابلس، تؤوي الجائع الحرّ كما الجائع الذي ترك جوعه يبتلعه، وتطعم الممتلئ الفارغ قبل أن تلعنه ألف مرّة. تعبئ قطعاً من الجنة في أكواب عملاقة تعتليها حبوب الكاجو والفستق. وتذبح على شرفك قطيعاً من الماشية تبلله بما مَنَّ الخالق عليها من أطايب قد تستوعبها معدتك أو تستاء لغزوها.
أما في ما يتعلق بالقلب، فسواء في طرابلس أو في الضاحية، تتوزع الحشمة النسائية على عدة مستويات. تتخلل هذه المستويات أطوار متعددة من الحجاب وتتخلل هذه الأطوار نظرات تنبئ، اللهمّ، باقتراب مجيء المخلّص.
هنيئاً لنا قاطبة بالشهر الكريم، هنيئاً لنا أن أصبح فينا الصيام مناسبة وطنية بل قومية للتحرر من عبوديّاتنا المتوارثة. أمّا أزمات الجنون التي يوقظني على شدوها جيراني الكرام منذ بداية رمضان، فلا تمتّ بأي صلة للصيام عند المذاهب المحمدية أو المسيحية أو اليهودية. بل قد بلغني أنَّ إحدى القبائل التي سكنت أميركا الوسطى في الماضي البعيد كانت تصوم عن الكلام شهراً كاملاً في السنة...
يا مخلّص. خلّصنا.