لا تختلف أغلبية المنظمات الشبابية على تأييد خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة. وتُجمع على أن الشباب الذين يفرض عليهم القانون كل واجبات المواطنية، من حقهم على الأقل اختيار ممثّليهم
ديما شريف ـ ليال حداد
... هكذا أعادت القوى السياسية مشروع خفض سنّ الاقتراع إلى 18 سنة إلى الأدراج مجدداً، بعدما تفاءل بعض الشباب خيراً من توافق الدوحة والمصالحات المتنقّلة في المناطق، لعلّها تمنحه أدنى حقوقه كمواطن راشد.
ورغم هذا الواقع «المخيّب للآمال»، يرفض أيمن ضاهر من قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني الاستسلام لتهرّب الطبقة السياسية من إقرار هذا الحق. ويعلن ضاهر عن بحث القطاع لإمكان إطلاق تحركات في الأسابيع المقبلة بالتحالف مع قوى شبابية أخرى. أما رئيس المجلس الوطني في اتحاد الشباب الديموقراطي عربي العنداري فقال «إن هناك اقتراحاً من بعض المنظمات الشبابية للقيام بزيارة لوزير الداخلية زياد بارود ووضع الأمر في عهدته، وخصوصاً أنه من المتحمسين لمنح الشباب حقهم في اختيار ممثليهم».
في المقابل، يرفض باسم شيت، عضو لجنة التنسيق في «التجمع اليساري من أجل التغيير»، فصل هذا المطلب المحقّ عن كل ما يحدث في لبنان، ويرى أنّه يجب أن يكون هناك تحرك يواجه كل الخطاب الأيديولوجي للسلطة ويرفض الإصلاحات التي ستؤدي إلى الانهيار. ويطالب بالتغيير الجذري وإصلاح النظام كلّه للوصول إلى قانون انتخابي أفضل.
لا يبدو موقف حركة الشعب ملتبساً في هذا الموضوع: إنّهم مع خفض سن الاقتراع. والحركة التي كانت من أبرز المحتجين على اعتماد قانون الستين من خلال مشاركتها في حملة «عالستين يا بطيخ»، ستستمرّ في تحركاتها «ولن ندع هذا القانون بكل سيئاته يمرّ بسهولة» يقول أحمد أبو هاشم. ولكن لماذا لم يُعر شباب الحركة الأهمية الكافية لخفض سن الاقتراع في اعتصامهم السبت الماضي؟ يرى أبو هاشم أن خفض السن في ظل قانون الستين «كارثة» لأنه سيزيد الشرخ الطائفي، «فهؤلاء الشباب هم الأكثر حماسةً لطوائفهم وهم الذين قاتلوا في الشوارع».
من جهته، يعوّل مسؤول منظمة الشباب التقدمي ريان الأشقر على المصالحة بين الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله لعلّها تنتج آلية للتحرك في هذا الموضوع. ويرى الأشقر أن موضوع خفض سن الاقتراع هو شيء روتيني كان يجب فعله منذ فترة، ولكن المشاكل السياسية التي عصفت بالبلاد جعلت الأولوية للمواضيع الأخرى على حساب هذا الحق.
أما السوريون القوميون فينتظرون ما يمكن أن تصل إليه الأمور لاحقاً للقيام بأي تحرك، كما يؤكد عميد التربية والشباب صبحي ياغي.
وبين اليمين واليسار، تتشابه المواقف، أقلها العلنية. شباب المستقبل أيضاً مع خفض سنّ الاقتراع، «منذ أيام حكم الرئيس الشهيد» يؤكّد مسؤول العلاقات العامة في التيار سمير العشي. يدرك العشي أن التغيير حالياً صعب، ومع ذلك يشدّد على أن عمل التيار لخفض سن الاقتراع مستمرّ «داخل تياراتنا وفي نقاشاتنا مع قياداتنا». لن ينظّم التيار إذاً تحركات في الشارع «فنحن كمستقبل وكحركة 14 آذار، نعمل مع الشباب داخل منظماتنا بهدف الوصول إلى التغيير المرجو».
لا يقف تيار المستقبل وحيداً في هذا القرار. فشباب حركة أمل أيضاً، لن يتحرّكوا في الشارع «ونفضّل أن نصل إلى وفاق وطني تحت قبّة مجلس النواب» يعلن مسؤول المكتب المركزي للشباب والرياضة في الحركة الدكتور حسن اللقيس. يعدّد اللقيس الحقوق والواجبات التي يتمتّع بها الشاب منذ عمر الثامنة عشرة في لبنان، ليستنتج أن «منع الشباب من الاقتراع قرار مجحف وظلم بحقهم».
إلا أن الموقف الواضح عبرّ عنه شباب التيار الوطني الحرّ فعمّموا على وسائل الإعلام أمس بيان «استياء» لعدم إقرار خفض سن الاقتراع. «مسخرة، هيدي عن جدّ مسخرة»، يقول رئيس لجنة الشباب والشؤون الطلابية فادي حنّا، معبّراً عن خيبته مما جرى. ولكن السبب الذي يعطيه حنا لعدم تبنّي التعديل، يبدو مختلفاً. فبنظره هذه الفئة من الشباب ترفض الرشى «ولا تباع أو تشترى، لذلك الأكثرية تخافها». ببساطة يتهم حنا الأكثرية «وهو ما أعلنته بعض القيادات علناً».
أما حزب الله الذي قدّم عشرات الشهداء، ممن لم يتخطَّ عمرهم الواحدة والعشرين، فيرى مسؤول الشباب في التعبئة التربوية التابعة للحزب يوسف البسام، أن الأمر بديهي «نحن أول من أطلق الحملة الوطنية لخفض سن الاقتراع في 1994». ولكن التعبئة أيضاً لن تتحرّك على الأرض «وسننتظر الدورة العادية للبرلمان، لنرى إلى أين تصل الأمور وعلى أساسها نقرّر خطواتنا اللاحقة».
من جهته، يؤكّد مسؤول مصلحة الطلاب في القوات اللبنانية شربل عيد بحماسة موقف حزبه المؤيد لتعديل الدستور. ويرى عيد رداً على رفض البعض للموضوع بحجة الخلل بالتركيبة الديموغرافية أنّ الخلل موجود أصلاً وما يحدث هو تأجيله لثلاث سنوات إضافية. ويرى عيد أن لبنان يحكم عبر تسوية لا بناءً على عدد كل طائفة. ويرفض عيد بشكل قاطع إعطاء الحق عبر آلية أخرى غير التعديل الدستوري. وقد وضع مسألة البحث في هذا الموضوع برسم كتلة القوات في البرلمان إذا كانوا سيعمدون إلى طرح الموضوع في العقد العادي القادم.
ويؤكد مسؤول الطلاب في الحزب الديموقراطي اللبناني محمد المهتار أنّ لبنان يحكم بالتوافق، ودخل موضوع خفض سن الاقتراع في التوافق بين القوى السياسية التي تخاف أن يعرقل الشباب احتفاظها بمراكزها لأنه على الأرجح سيطالب بالتغيير وهذا يفزع السياسيين.


خروجاً عن الإجماع

تعلن المنظمات الشبابية عن تأييدها لخفض سن الاقتراع، باستثناء حزب الكتائب. تعبّر مصلحة الطلاب في الحزب عن موقفها بصراحة، معلّلة الأسباب أو السبب لهذا الرفض، بالقول «لن نرضى بالخلل الديموغرافي الذي سينتج من هذا التعديل»، على حدّ تعبير مسؤول طلاب الجامعة اللبنانية في الحزب إيلي بدران. يدعم بدران مخاوفه بأرقام وإحصائيات، «في بعبدا عاليه سيصبح عدد الناخبين المسيحيين 17 ألفاً مقابل 26 ألف مسلم».