يهل العيد على أهالي شهداء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وهم في دعوى قضائية ضد مجهول حاول تشويه أضرحة أولادهم، أولاد كل الوطن. بعد صلاة العيد اليوم، يتوجهون إلى جبانة كفررمان المعتدى عليها، يمسحون الغبار عن الأضرحة، فتبتسم صور الشهداء المستعادة رفاتهم منذ أربعة أعوام ونيف من أسر العدو
النبطية ـــ كامل جابر
ألقى الألم بأثقاله الحزينة على أفئدة ذوي الشهداء منذ أبصرت أعينهم، ولم تصدق، محاولة تشويه الأضرحة في ذكرى انطلاقة المقاومة في 16 أيلول الجاري؛ لذلك «نحن مع الادعاء على الفاعلين، أكان ضد مجهول أم من يبين مسؤوليته التحقيق والوقائع والشهود حتى آخر رمق»، كما يقول جميل والد الشهيد علي سلامة. يقول أبو علي لـ«الأخبار» إنه غير قادر على أن يمحو من مخيلته «ذلك المنظر البشع الذي رأيته. هذا فعل مخز يستحي أنذل النذلاء من فعله، وكلما أردت التعبير عن قسوة المشهد، تخونني الكلمات».
ويتساءل أبو علي سلامة بمرارة إن كان هناك «من أعطى البلاد بقدر ما أعطاه هؤلاء الشهداء الشيوعيون؟ 17 سنة تختطف فيها إسرائيل جثة ابني، وبدلاً من أن ينال هو ورفاقه أوسمة الدولة اللبنانية على فعل مقاومتهم، تلطخ «وجوههم» بالبويا؟ على كل حال، يضيف الرجل وهو يتنهد، هذه أوسمتهم، لأن من انتقم من صورهم وأضرحتهم لا يشبه إلا الإسرائيليين».
وتشكر والدة الشهيد علي سلامة الله كون «أبناءنا سقطوا وهم يحاربون العدو الإسرائيلي. ما كانوا عم يسرقوا مازوت ولا مولدات كهرباء»؛ كما تقول. وتردف «الغريب هو موقف فعاليات البلدة الحزبية والسياسية والاجتماعية وحتى البلدية، فهي لم تتجرأ على إصدار بيان استنكار، ولما أردنا إذاعة بيان استنكار باسمنا نحن أمهات الشهداء، تصدى لنا أحد علماء البلدة معبراً عن موقف عدائي، كأنه حظي بموافقة هذه المرجعيات التي تحدثنا عنها» كما تقول. وتضيف «لذلك نحن مع الادعاء والتحقيق حتى يتبين الحق من الباطل، وينال الفاعل جزاءه المناسب؛ ويكفينا التثبت من اسمه ليصبح وصمة عار على صاحبه ومن يقف خلفه».
ويؤيد والد الشهيد فؤاد محمد سلامة الدعوى التي تقدم بها ذوو الشهداء والحزب الشيوعي «لأن من نفذ ثلاثين عملية بمواجهة إسرائيل وعملائها واستشهد بين تلال كفردونين وبرعشيت وسال دمه على تلال الجنوب ورباه، لا يكون جزاؤه تطليخ وجهه وصورته وضريحه». أما والدته فتتساءل «هل يحتمل أي طرف حزبي أو سياسي ما حصل لأبنائنا الشهداء، فيرضاها لشهدائه؟ نسلم هذا الأمر إلى القضاء ليحدد إذا كان الفاعل حاقداً أو نذلاً أو مجنوناً». ويستغرب الوالد كيف صنفت بعض فعاليات كفررمان هذا الأمر «تجاذباً سياسياً بدلاً من أن يستنكروا ويشجبوا ما حصل».
وصنف والد الشهيد محمد حسن قانصو ما حصل في كفررمان بأنه «فعل انتقام من الشهداء بعد نحو 5 سنوات من استعادة رفاتهم»؛ متسائلاً «هل يريدون إلغاء أولادنا وتجاهل استشهادهم ومقاومتهم؟».
ولا ترى زوجته «فرقاً بين شهيد لأمل أو لحزب الله أو للحزب الشيوعي، لأنني عشت هذا الفعل، لا يمكنني رؤية الشهداء على أنهم غير شهداء. الأمر ليس سياسياً، هؤلاء شهداء ونقطة على السطر؛ هذا القرار بالادعاء على الفاعلين يجب أن يكون قضية كل معني بالمقاومة وليس قضية الشيوعيين فقط، إسرائيل يوم تخلت عن جثث أولادنا، قدمت لهم التحية، أهكذا يكرّمون في
بلدهم؟».
أما بالنسبة لفعاليات كفررمان، فقد تمنت أم محمد قانصوه «أن تعني قضية الشهداء الجميع، وما كرامة الأحياء اليوم إلا من فعل الشهداء. نحن لا نريد غير الحقيقة وليحاسب القانون من يجده متورطاً في هذا العمل البربري والحاقد والجبان؛ وإذا لم ينصفنا الأقربون فليأت القضاء لنا بحقنا».