شادي كوسىفي بلدي سوريا الكثير من الفقر. الكثير من الفساد والظلم والجوع، ولكن الناس لا يقتل بعضهم بعضاً.
في بلدي تتعدد الطوائف ويتنوع البشر، ولكن أحداً لا يقذف الآخر بأسباب الموت والإلغاء. في بلدي لا إعلام حراً ومتنوعاً، ولكن هل يتصف بالحرية ذلك الإعلام الذي يعبد التحريض على القتل والكراهية؟
حتى وقت ليس ببعيد كنت أتمنى أن يكون لنا في سوريا إعلام يشبه الإعلام اللبناني. ولكن خلال السنتين الأخيرتين بتّ أصاب بالإقياء إزاء مشاهدة نشرات الأخبار المتعددة والمختلفة، كأن كل واحدة منها تبث من كوكب.
حتى بعض الصحف كادت تمارس عملية انتحار جماعي، وتطلق الرصاص على كل ماضيها وكنزها الذي طالما نهلنا من أفكار صانعيه العظام.
بتّ أسأل نفسي: أيهما أفضل وأنجى حالة: اللا إعلام التي نعيشها في سوريا أم هذا الردح اليومي والكم الهائل من الحقد والكراهية الذي يسيطر على عقل جزء كبير من اللبنانيين لطالما كانوا رائدين وسبّاقين.
ما هذه «الغوبلزية» التي تمارسها بعض القنوات التلفزيونية اللبنانية؟ لقد اعتدنا على إعلام رسمي موجه يكذب ويكذب حتى يصدق نفسه ويصدقه الناس، ويصير خطابه جزءاً من ذاكرة الشعب المتبناة. أما إعلام متعدد وموجه يكرس اقتراحات عدة متناقضة للحقيقة فذلك لعمري ما يدفع إلى حافة الجنون.
كنا نرى فيكم شعاعاً من نور وسط ظلام سرمدي، فلا ترموا بنا من علُ بعدما ارتقيتم بنا إلى فضاءات رحبة من الأمل والثقة بغد أفضل.