رنا حايكتبحر في الخامس من الشهر الجاري من لارنكا سفينة تقصد غزة، بهدف خرق الحصار المفروض على المدينة أو، في حال الفشل في خرقه، إثباته من خلال تعرّض قوات الاحتلال الإسرائيلي لها.
تهدف هذه الرحلة إلى لفت انتباه الإعلام، والضغط على الرأي العام العالمي لتوثيق «مدى فظاعة الحصار المفروض على غزة»، والذي يحرم أهاليها من حقهم في «حياة طبيعية، وحرية تحرّك، واقتصاد واتصال بالعالم أسوة بأبسط معايير حقوق الإنسان» كما جاء في الملف الإعلامي للمشروع. وكانت مجموعة «حركة غزة الحرّة» قد قامت بالمبادرة منذ سنتين، بدعوة من بعض أعضائها ممن طُرِدوا من الضفة لنشاطهم في «حركة التضامن العالمية»، لكن التنفيذ تأجّل لأسباب مالية عولجت عبر حشد المزيد من الجمعيات الأهلية حول العالم ومن تبرّعات الأفراد. ويأمل المشاركون، بعد تحقيق 20 ساعة من الإبحار، في تكرار التجربة لتكريس خط بحري يصل غزة بالعالم. تحرّك تجاوبت معه فلسطين، سلطة وجمعيات غير حكومية، مع مبادرة الجمعيات الأهلية الأجنبية، فأرسلت وزارة الشباب والرياضة، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وجمعيات أخرى رسائل تشجيع وترحيب.
يشارك اليوم في المشروع أفراد وجمعيات من مشارب مختلفة، ومن جنسيات مختلفة: «من جنوب أفريقيا وأوستراليا وأميركا وبريطانيا وحتى من إسرائيل نفسها ومن فلسطين وغيرها».
أما لبنان، فسيساهم في دعم هذه المبادرة من خلال «إثارة ضجة إعلامية» تكفّلت بإدارتها لجنة تعهّد أعضاؤها، بعد مبادرتهم إلى الاتصال بالهيئة المنظمة للمشروع، بالقيام بــ«حملة تأييد إعلامية واسعة للشعب الفلسطيني المحاصر». لكن من الصعب الترحيب بهذه المبادرة بشكل كامل، في ظل وجود إسرائيليين في الحملة. تساؤلات كان لا بد من طرحها على أعضاء اللجنة. وبرّر الدكتور حسن الشريف، المستشار في مركز البحوث العلمية والعضو في اللجنة اللبنانية الداعمة، منطلق الدعم، بالمنحى الحقوقي الإنساني الذي تتخذه: «الهدف الأساسي من الحملة هو إظهار مدى الانتهاك الذي يتعرض له المواطن الفلسطيني في حقوقه كإنسان. الحملة ليست سياسية فلسطينية بل هي عالمية إنسانية».
وأكّد وسام صليبي، أحد المساهمين في اللجنة، عند سؤاله عن مدى قانونية هذا الدعم بوجود إسرائيليين مشاركين، أن «تهمة التطبيع مستبعدة، لأن اللبنانيين لن يتعاملوا مع الإسرائيليين خلال تنفيذ المشروع، فاللبناني الوحيد المسافر على متن السفينة، رمزي قيسية، يحمل جواز سفر أميركياً. كما أن دعمنا لهذه المجموعة من الأجانب يصبّ في مصلحة أهالي غزة، وهذا هو المهم. في إسرائيليين أو ما في، ما خصّنا». كما شرح خلفيّة الجمعيات الإسرائيلية المشاركة، فهي، رغم جنسيتها الإسرائيلية، إلا أنها «تناهض سياسة حكومتها، وأحياناً قد تكون فعالة أكثر من جمعيات فلسطينية».
لكن هل تكفي النوايا الحسنة لصدّ شبهات التطبيع؟ وهل يكفي التسلح بالحماسة والاندفاع غير المشروطين لدرء أخطار «مغامرة غير محسوبة»؟


ناشطة أميركية «ممانعة»

قد يتوصّل بعض الأفراد إلى الفصل بين الاعتبارات السياسية والعمل الإنساني، لكنّ بعضاً آخر يعجز عن ذلك. الأميركية مارسي نيومان هي ناشطة من الصنف الثاني. فبعد حضورها اجتماعين تنظيميين في الولايات المتحدة، وعند اكتشافها وجود إسرائيليين في المشروع، امتنعت عن المشاركة لأنها رأت في ذلك تطبيعاً. بالإضافة إلى ذلك، ترى نيومان أن المشروع إعلامي فقط، وهو بمثابة «تبديد للأموال»، إذ سيدفع كل مشارك ما يقارب 2000$، لن يستفيد منها الفلسطينيون في شيء. ذلك رغم إشارة وسام صليبي، المساهم في اللجنة اللبنانية، إلى احتواء السفينة على أجهزة طبية للسمع فقط لضيق مساحة السفينة على احتواء المزيد من المساعدات.