ليال حدادلا مشاكل أساسية في حياة دنيا. فهي فتاة نشيطة، لديها حياة اجتماعية ناجحة، وعائلة مكوّنة من أم وأب وشقيقة. تدرس دنيا إدارة الأعمال في إحدى الجامعات الخاصة، وتطمح في المستقبل القريب إلى أن تصبح موظّفة في البنك المركزي.
أزمتها الوحيدة كانت وزنها الزائد، الزائد قليلاً مقارنة بوزن شقيقتها، ريم، المثالي. تعوّدت دنيا أن تسمع يومياً عبارات متشابهة: «يا ماما لازم تضعفي شوي، هيك ما بعود حدا ياخدك»، «يا بابا ليكي وراكك أديش صايرين، لازم تعملي رياضة وتوقفي أكل حلو»... أما شقيقتها فكانت تبتسم ابتسامة منتصرة. فحين تتألف العائلة من فتاتين، على إحداهما أن تسرق كل الأضواء، وهذه كانت حال ريم.
لم تتأثّر دنيا بهذه التعليقات، إلى حين أجبرتها والدتها على استشارة اختصاصية تغذية. رضخت للواقع، وبدأت بحمية قاسية تهدف إلى إنقاص وزنها ستة كيلوغرامات. سبعة أسابيع، وأصبح وزن دنيا مثالياً، نسبة إلى طولها ومقاييس أخرى في جسدها لم تكن تفهمها جيداً حتى حين تشرحها لها اختصاصية التغذية. أعجبت دنيا بجسدها الجديد، وأصبحت الحمية جزءاً من حياتها اليومية، جزءاً أساسياً بدا محور حياتها. توقّفت عن الأكل، واقتصرت وجباتها اليومية على السلطة وقطعة واحدة من الدجاج أو اللحمة المسلوقة دون أية مطيبات «بلا طعمة وبتنصّح».
مرّت أشهر عدّة قبل أن تدرك دنيا ما وصلت إليه. انخفض وزنها سبعة عشر كيلوغراماً. لم تستمع إلى تعليقات والديها أو شقيقتها، فمن كان «يهتّها» ببدانتها، لا يحقّ له أن يطلب منها أن تأكل.
تقف اليوم دنيا أمام مرآتها، تنظر بإعجاب إلى جسدها وترفض أن تقرّ بمرضها «أنوريكسيا، العالم هيك بتقول، بس المزبوط عملت ريجيم وزغرت معدتي». لا مشكلة إذاً بنظر الفتاة، فهي حصلت على ما تريد: جسد جميل، «قدّ ميّاس»، ومقاس جينز صغير.
تشتكي والدتها، متمنية أن تسعيد ابنتها البكر عافيتها، «أصبحت أتمنّى أن يعود جسدها إلى ما كان عليه»، تقول الوالدة واضعة اللوم على نفسها، «أردتها أن تفقد القليل من الوزن، القليل فقط، ظننت أنها ستصبح أجمل، وسترتدي ما يحلو لها».
هكذا دخلت دنيا في هاجس نظرة الآخرين. هي تحب الطعام، تحبّ الشوكولا، وتكره التدخين، كما تؤكد شقيقتها، ولكنها تتصرّف عكس ذلك «خوفاً من أن يزيد وزنها غراماً».