استعاد المهرجان الدولي للمسرح الجامعي الذي تنظمه الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) نشاطه بعد انقطاع دام سنتين بسبب الظروف الأمنية في لبنان
سليم علاء الدين
اعتمد المخرج والممثل الجزائري أمين ميسوم على تكثيف النص في عمله «الآخر» الذي قدّمه ضمن فعاليات المهرجان الدولي للمسرح الجامعي الذي نظمته الجامعة اللبنانية الأميركية على مسارحها وبين حدائقها. ولجأ ميسوم الذي قدّم عرضه على مسرح «غولبنكيان» الدائري إلى سينوغرافية اللاسينوغرافيا التي لم تكن سوى خشبة المسرح، وجسّد الممثلين (أمين ميسوم وعبد الله نميش)، وكأنه يدعو المشاهد إلى الاستماع لا الرؤية. إلا أنّ اللهجة الجزائرية الصعبة الفهم على الجمهور اللبناني نوعاً ما، لم تؤثر كثيراً في استيعاب هذا الجمهور لما يسعى إلى العمل إلى إيصاله له. فقد عمد الممثلان إلى تخفيف حدة اللهجة وإعطاء الكلمات مدىً قد يصل إلى حد التهجئة في بعض الأحيان رغم الانفعالات التي استدعت السرعة في إلقاء العبارات المتلاحقة، وهذا يسجل لهما لصعوبته وحاجته إلى قدر كبير من الاحترافية، وخصوصاً في عمل يعتمد أصلاً على النص دون غيره.
واللافت، الموسيقى الخافتة التي بدت كأنها صدى آتٍ من بعيد، وهي بالكاد تسمع، وقد ظلت طوال العرض يغطيها الكلام ويعيدها إلى إسماع الجمهور صمت الممثلين. كذلك يستند المخرج إلى استخدام مؤثرات بصرية ضوئية عادية بسيطة، لا إبهار فيها، إسهاماً آخر في دفع انتباه المشاهد نحو الممثل والنص.
وعمل ميسوم على إحساسات شخصياته، بشكل رئيسي، ففي هذا العرض يخاطب الإنسان نفسه في طابع يتخلله العتاب في مواضيع عدة كالأخلاق، والفقر والغناء الفاحش وتربية الأجيال والسياسة والمسؤولية، وفيه الكثير من الإسقاطات السياسية والاجتماعية في المجتمعين الجزائري والعربي، وهو يسعى بوضوح إلى دفع النفس لنقد ذاتها. وقد ظهر هذا الأمر جلياً في الحالات النفسية للشخصيتين اللتين تبدوان متناقضتين قبل أن يعلم المشاهد أن هذا «الآخر» هو «الأنا»، وأن هذا التناقض هو الصراع الأزلي في نفس الإنسان.
تجلس إحدى الشخصيتين، عبد الله نميش، وهو عجوز مر عليه الدهر حتى شاب، على كرسي مدولب، بينما يتنقل الآخر الشاب، أمين ميسوم، ويصل إلى حد القيام بحركات صبيانية تستجلب ضحكات الجمهور بين الحين والآخر.
لكن عودة المهرجان الدولي للمسرح الجامعي الذي تنظمه الجامعة اللبنانية الأميركية لم تكن بالزخم المطلوب لأسباب عدة، أهمها وفاة المدير التقني للمهرجان ميلاد كركور قبل افتتاحه بأيام قليلة، إضافة إلى غياب عدد من الفرق المسرحية تخوفاً من حدوث أي طارئ أمني في لبنان.
وشاركت في المهرجان هذا العام تسع جامعات قدمت 15 عملاً باللغتين العربية والإنكليزية، ولم تقتصر العروض على المسرح، بل تعدته إلى فنون أخرى، كما تشير مديرة المهرجان الدكتورة منى كنيعو التي شددت على «أهمية اللقاء الذي يجمع المسرحيين الشباب من أنحاء العالم ليعملوا معاً».
بالعودة إلى العروض، فقد قدّم المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق عرضاً راقصاً بعنوان «تلميحات»، فيما رأى مخرج العرض البحريني إبراهيم خلفان أن «تكون هناك لغة مختلفة عن اللغة واللسانيات في العالم واقتراح ما هو مجهول فيه». وفي ما يتعلق بالعروض اللبنانية، قدمت الجامعة اللبنانية الأميركية «العميان، خيط رفيع،10 آلاف سيجارة، لأني امرأة آسيوية ساقطة». كذلك قدمت فرقة العرض التفاعلي «إحياء الشوارع» للوسيان أبو رجيلي، ومن معهد الدراسات المسرحية والسمعية المرئية والسينمائية في جامعة القديس يوسف، قُدِّم عرض بعنوان «ندم الرجل التمثال». وشاركت مؤسسة البيان بمسرحية «عالم بلا صوت» للمخرج عصام بو خالد. ومن قسم التمثيل في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، قدمت الدكتورة جنى الحسن عرضها الدرامي الراقص «لما النوم يغادر جفونك».