هيثم خزعل «خلل في جينات يسبب مرض الشيزوفرينيا»، هذا ما أجمعت عليه الدراسات الثلاث التي نشرتها أخيراً «جمعية الطبيعة البريطانية». وهذا الاستنتاج قد يساعد على فهم أسباب المرض، بعدما أمضى الأطباء سنوات طويلة في نقاش أسبابه. وعزت معظم هذه الأبحاث أسباب المرض إلى اضطراب العلاقة بين الأولاد وأهلهم في مرحلة المراهقة.
يصيب مرض الشيزوفرينيا واحداً من كل مئة شخص، وتظهر عوارضه على الأشخاص في نهاية مرحلة المراهقة، أو في بداية المرحلة العمرية التي تليها. وتتمثل عوارض المرض بالهذيان وصعوبات الإدراك والتفكير والانطواء على الذات. الدراسات الجديدة وضعتها مجموعات من الباحثين في شؤون الجينات من دول مختلفة. وأكد الباحثون أهمية العامل الجيني في تحديد المرض. وتحدثوا عن الدور المركزي للعامل البيئي في تطوير هذا المرض كالفيروسات، والإنفلونزا وغيرها، وقالوا إن هذا العامل ما زال في طور البحث.
اعتمدت الدراسة الأولى على المقارنة بين التركيبة الجينية لـ1433 مريضاً، و1433 من الأصحاء. وفي الدراسة الثانية، جرت مقارنة التركيبة الجينية لـ3391 مريضاً و3391 من الأصحاء. وقد خلص الباحثون إلى التأكيد على وجود خلل في تركيبة الجينات المسؤولة عن ظهور المرض عند المرضى، يتمثل بنقص بعض القطع أو تكسّرها. أما بالنسبة إلى الدراسة الثالثة، فقد قارن معدّوها بين صورة الجينات لـ479 مريضاً وصور جينات 2997 من الأصحاء، فظهر خلل في استقامة الحروف (BASES) التي تمثّل جزءاً من تركيبة الجينات، ما يضاعف خطر الإصابة بالمرض.
وتعليقاً على هذه الأبحاث، يؤكد الباحث الجيني دانيال كوهين (يُعدّ من الباحثين الأوائل في العالم الذين وضعوا الخريطة الجينية البشرية)، أن التأثير الجيني في مرض الشيزوفرينيا واضح منذ سنوات. ويقول إن الصعوبة تكمن في الصورة الجينية المعقدة، لأن المرض مرتبط بمئات الجينات، فيما لم يتم التعرف إلى الآن سوى على خمسة عشر جيناً، ويُعدّ هذا النقص عائقاً في فهم كل تفاصيل المرض. ويضيف كوهين أن التعرف على كل الجينات المسببة يسهّل التعرف على البروتينات الناقصة في جسم المريض، مما يساعد بالتأكيد على ابتكار علاجات جديدة للمرض.