علي سليملا شكّ في أنّ سعي الولايات المتحدة إلى إبرام اتفاقية أمنية مع العراق سيؤدي إلى مزيد من الضغط على الحكومة العراقية، لأنها هي من ستوقع الاتفاقية، وبالتالي عليها تحمل كل التداعيات التي سيمر بها العراق نتيجة لها. فالحكومة العراقية اليوم أمام خيارين: إمّا التوقيع على المعاهدة وكسب الرضى الأميركي، أو رفضها، وبالتالي مواجهة خيارات جورج بوش الآتية من الحرية والسيادة والديموقراطية، وأموال العراق المجمدة في الولايات المتحدة خير دليل على ديموقراطية بوش.
لا أعتقد أنّ عاقلاً يظن أنّ الولايات المتحدة تسعى إلى إبرام هذه الاتفاقية انطلاقاً من سعيها للحفاظ على سيادة العراق الحقيقية والحفاظ على مصالحه السياسية أو الاقتصادية والأمنية، بل لجني ما أتت واحتلت العراق من أجله، ألا وهو السيطرة المباشرة عليه. فمن أهم استراتجياتها في المنطقة هي السيطرة على النفط، وبالتأكيد أن نفط العراق لن يكون استثنائياً، وإقامة القواعد العسكرية ليس من شأنه الحفاظ على أمنه، فهي تريد إقامة هذه القواعد لزيادة الحصار على إيران ومهاجمتها انطلاقاً من هذه القواعد. فإذا دقت ساعة الصفر، فإنّ العراق سيكون المحور الاستراتيجي، وذلك بسبب موقعه الجغرافي، وبالتالي فإنّ مهاجمة إيران عبر الحدود العراقية سيعطي حرية مناورة أكبر للقوات الأميركية، وبالتالي حرية أكبر بالتحرك البري إذا أرادت احتلالها، وهذا سبب رئيسي لنية الولايات المتحدة بناء قواعد عسكرية كبيرة في العراق.
أمّا إسرائيل، فلها حصة غير مباشرة من هذه الاتفاقية. إذ إنّ الولايات المتحدة ستسعى من خلال هذه المعاهدة، إلى إخراج العراق نهائياً من الصراع العربي ـــ الإسرائيلي، وبالتالي عزل القوى الممانعة أكثر فأكثر. فالنفوذ الأميركي لن يسمح بوصول أشخاص أو حكومات مناوئة لإسرائيل، وبالتالي سيكون العراق الضيف الجديد على محور الاعتدال العربي.
أما الأمر الأكثر خفية في الموضوع، فهو أنّ هذه المعاهدة ستسمح للولايات المتحدة بالخروج من العراق والحفاظ ولو قليلاً على ماء وجهها، لأنها انسحبت من العراق برضى الطرفين وبمعاهدة لا تحت تأثير ضربات المقاومة، مثلما حاولت إسرائيل تصوير الأمر قبيل انسحابها من لبنان.