الجنس الافتراضي يزداد انتشاراً، وصار عبارة «افتح كاميرا» تحمل معاني تتعلق بعروض الإغراء المباشر لزوار الشبكة، في لبنان يشارك في العروض شبان وفتيات من فئات عمرية مختلفة، معظمهم يحرص على عدم الكشف عن هويته. تغيب بالطبع الدراسات عن هذه الظاهرة في لبنان أو في العالم العربي، ولكن الحديث مع المجموعات التي تمارسها تلفت إلى أنها مساحة تسمح «بما يرفضه المجتمع»
محمد محسن
تنتشر ظاهرة الجنس الافتراضي وعروض الإغراء في الآونة الأخيرة. ممارسو «الجنس الافتراضي» في لبنان من مختلف الفئات العمرية ومن الجنسين، لذا فالخيارات المتاحة عبر الشبكة كبيرة. إنها غواية بين شخصين (أو أكثر)، لذلك فإنها تتطلب من المُشاهد أن يقنع «الطرف الآخر» بأن يقدم إليه عرضاً، ويحصل الإقناع عبر المواقع الاجتماعية كـ«فايس بوك» أو عبر البريد الإلكتروني.
ومع توسّع هذه الظاهرة، لم تعد الكاميرا مجرد أكسسوار يُضاف إلى الحاسوب، فقد اكتسبت العدسة الصغيرة أهمية كبيرة.
من خلال التنقّل بين المواقع وزوايا الدردشة، يستنتج المرء مدى تزايد نسبة ممارسي الجنس الافتراضي في لبنان، رغم غياب الإحصاءات والدراسات بشأن هذه الظاهرة. وتشير بعض المواقع الإلكترونية إلى تحوّل هذا النوع من الجنس إلى مهنة متخصصة ومنظّمة، وعلى من يريد خوض التجربة أن يدفع مبلغاً من المال عبر بطاقته المصرفية!!
تختلف الدوافع بين شاب وآخر، والوسائل متعددة لبلوغ أهداف خفيّة، فاللذة الجنسية ليست هدفاً دائماً، وبالنسبة إلى أيمن هي «تحصيل حاصل». المهم بنظر طالب إدارة الأعمال هو «إثبات الذات» عبر إقناع الفتاة بخلع ملابسها، والقيام بحركات مثيرة و«كسر الـtaboo الاجتماعي». لا فرق في نظر أيمن بين الجنس الــlive والجنس عبر الإنترنت، إلا من ناحية التلامس الجسدي.
يتّكل أيمن على «مجموعات مخصصة لهذه الأغراض» في المواقع الاجتماعية في الشبكة، يلتقي أعضاؤها من أجل الجنس عبر الكاميرات. يبحث الشاب «المكتفي جنسياً» كما يقول، عن نوع محدد من الجنس اللطيف «تعجبني النساء من عمر 25 لغاية 35 عاماً، لأنهن صاحبات خبرة». طرق الإقناع التي يعتمدها أيمن مختلفة «فلكل واحدة مفتاحها». يقسّمهن بين «مستعدة فوراً لهذا الأمر من خلال صورتها على الفايسبوك»، وبين من يحتجن إلى «تعب» للقيام بهذا الدور. وهو يرمي أثناء الحديث مع الفتاة «تعابير خلاعية» وينتظر جوابها.
رغم علاقاته المتكاثرة يوماً بعد يوم، يرفض أيمن أن يُصنف مهووساً بالجنس الافتراضي، ويعتقد أنه يستطيع التوقّف ساعة يشاء.
من جهته، يقر سامر بهوسه، فهو يجلس يومياً ساعات ليحصل على «لذة مفقودة في الواقع». أوصلته التجربة إلى نتيجة مفادها «البنات اللبنانيات والعرب، يمارسن هذا الأمر بنسب قليلة جداً قياساً إلى الجنس اللطيف في الغرب»، ولذلك يتواصل مع فتيات من دول أوروبية، لأن الفتاة اللبنانية أو العربية «بتعلّ القلب وكتير بتخاف»، مؤكداً أن «الكل بيمشي حالو» في النهاية.
الهوس الذي تحدث عنه ليس في رؤية جسد يتمايل بشكل يومي، بل في البحث دائماً عن «فنون جديدة»! ويلفت سامر إلى أن العرض قد يجر نقاشات في القضايا الدولية أو الثقافية.
الحديث مع الفتيات عن هذا الأمر صعب نوعاً ما، فهن يحذرن البوح به، لارا تفتح كاميرتها لمن يبادلها الأمر نفسه، وهي لا تعرّف بهويتها «لا أظهر وجهي أثناء أي عرض إباحي»، وتقول إنها تأخذ احتياطات «مشددة»، فتموّه البريد الإلكتروني والصورة على الفايسبوك، ولا أحد يستطيع معرفة اسمها. وتردد «ما أفعله هو شيء لا يمكنني ممارسته بحرية في مجتمعنا»!
المعالجة النفسية سهى بيطار تنطلق في تحليل هذه الظاهرة من مسلمّات فحواها أن البنية النفسية للإنسان مقولبة حول مجموعة من الغرائز الموجودة فطرياً ومن الهوامات التي يصنعها الإنسان لنفسه. وتربط بيطار هذه الظاهرة بتسلل الإنترنت سريعاً إلى الحياة الحميمية والخاصة للإنسان، الأمر الذي يؤثر على بنيته الجسدية والنفسية.
على المستوى النفسي، تشير بيطار إلى غياب تام لدور الـ«أنا الأعلى» نتيجة غياب الرقيب والمعاقب في عالم الشبكة الافتراضية، فـ«الأنا الأعلى هي العنصر النفسي المتحكم في العلاقة بالمحيط والمجتمع الواقعي، لذا يعمل على ضبط السلوك وفقاً للأعراف والمعايير الاجتماعية».
ترى بيطار أن الأشخاص الذين يمارسون هذا النوع من الجنس وعروض الإغراء الافتراضية يشعرون بشيء من عدم الرضى وعدم التناغم مع المحيط. وتشدّد على أن مجموعة من الحواجز النفسية الموجودة في المجتمع، تمهد السبيل أمام الكثيرين للدخول في العلاقات الافتراضية.
تأخذ الانعاكاسات اتجاهين. الأول إيجابي يتمثل بالتنفيس وإرضاء النرجسية مؤقتاً. لكن السلبيات تظهر في المستقبل، إذ ستزيد شكوك ممارسي العروض في المحيطين بهم، وتطال الشكوك شركاءهم في العلاقات العاطفية.


التزييف في كل مكان

لا تسلم عروض الجنس الافتراضي من عمليات تزييف، إذ تنتشر على شبكة الإنترنت لقطات مسجلة مسبقة لعروض إغراء، ولكن بعض المواقع تروّج لهذه اللقطات على أنها عروض حية «مباشرة على الهواء».
تستمر بعض اللقطات لمدة ثلاثين ثانية، مما يساعد على خداع متابع العرض.
من جهة ثانية، بدأ الخوف من هذه الكاميرا يتسلل إلى قلوب فتيات في لبنان والعالم العربي، وصرن عندما يلتقين شاباً في غرفة محادثة إلكترونية يسألْنه إن كان يملك كاميرا. مخافة أن يزيد أسماءهن على لوائح «صاحبات العروض»، فغالباً ما يتبادل «الأصدقاء» في المجموعات الافتراضية أسماء فتيات قدمن لهم عروض إغراء، وتُدسّ بعض الأسماء «البريئة» من هذه الممارسة للإساءة لصاحباتها