دنيا ضومن من الجيل الجديد يعرف أو يعرف واحد من أبويه كلمة عن عبقري من لبنان اسمه عاصي الرحباني؟
عاصي الرحباني لبناني حتى العظم، ولما كتب لبنان كتبه كما رآه. صحيح لبنان كان «أخضر حلو» ـــ لبنان كله من أقصاه إلى أقصاه كان جنة، وعاصي الرحباني نقل هذه الجنة ووضعها على الورق بأسلوب ولا أروع. على المدارس، جميع المدارس، دينية كانت أم علمانية، أن تدرّس تلاميذها كمادة أساسية «عاصي الرحباني» وتزرع عميقاً في قلوبهم وفي رؤوسهم الحب الذي أحب به لبنان عاصي الرحباني. كذلك الأمر على الجامعات، وبصرف النظر عن سياسة كل جامعة.
فعاصي الرحباني أكبر من السياسات. إنه كل لبنان وكل فلسطين وكل العرب. ما غنّى شاعر عربي، كما غنّى عاصي القدس أو كما غنى «سنرجع يوماً». من؟ من في هذا الجيل يدندن «الطفل في المغارة وأمه مريم وجهان يبكيان»؟ لا أعلم من هم هؤلاء الوطنيّون اللبنانيون، الذي لم يتركوا رجلاً عمل بالسياسة إلا صنعوا له تمثالاً سمّوا باسمه شوارع ليس فقط في بيروت بل في لبنان؟
إنّ هذا العبقري الذي رفع رؤوسنا أهم من المتنبي، فالعبقري اللبناني لم يكتب يوماً عن نفسه ولم يقل أو يدعي «الخيل والليل والبيداء تعرفني» إلى آخر المعزوفة. إن عاصي بالرغم من عبقريته كان رجلاً بسيطاً يعيش ببساطة. يتكلم شعراً وهو لا يدري. وببساطة. أما عن الموسيقى، فموسيقى عاصي الرحباني كانت وما زالت ثورة في عالم من اعتقدوا أنهم كانوا ذات يوم موسيقيين.