تراهن كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية على منظمات المجتمع المدني والهيئات الدولية لاستعادة دورها التاريخي في خدمة المجتمع الزراعي
فاتن الحاج
تدخل كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية آفاقاً جديدة، بعد توحيدها منذ سنة ونصف في الدكوانة، وانفتاحها على المجتمعين المدني والدولي، وفق خطة تطمح إلى استعادة دور الكلية الوطنية كشريك في القرار الزراعي. فالمكان يشهد نهضة بنيوية بالشكل والمضمون، تبدأ من أعمال الترميم في المبنى السكني، ولا تنتهي باستحداث الاختصاصات التي تلبي حاجات المجتمع اللبناني.
أما الخطة فتعتمد على 22 هبة محلية ودولية، حصلت عليها الكلية التي تخرّج 85 في المئة من المهندسين الزراعيين، وتضم أكبر مجموعة زراعية في لبنان لجهة عديد الدكاترة والمهندسين والطلاب. وهنا يتحدث المكلّف بأعمال العمادة الدكتور يوسف ساسين عن إرساء الكلية ثقافة انفتاح المؤسسات العامة على المجتمع المدني، لكون المساعدات عينية لا مالية، وبالتالي لا غبار عليها.
وقد ساهم إدخال 27 أستاذاً متفرغاً إلى الكلية في تدعيم الخطة التي ترفع شعار التخصص، بمعنى أنّ الكلية لم تعد تكتفي بتخريج مهندسين زراعيين فحسب، بل مهندسين بيئيين (اختصاص غابات) ومهندسي اقتصاد زراعي، فيما جمعت الكلية الإنتاج الحيواني والإنتاج النباتي في قسم واحد، واستحدثت قسماً للتصنيع الزراعي بعدما كان مجرد مقرر في السنة الرابعة. وهنا يشير ساسين إلى افتقار المصانع اللبنانية إلى مهندس خبير في هذا المجال.
ولاستعادة دور الكلية في رفد المجتمع الزراعي بالخبرات، كان لا بد من تعزيز الأبحاث التطبيقية، وبالتالي إنشاء محطات التدريب في كل محافظة. لكن المفارقة أن يُفتتح مركز التدريب والبحث الزراعي الأول في غزير، فيما كانت الأنظار تتجه إلى البقاع، المنطقة الزراعية الأولى. هنا أيضاً يبرز الدعم الخارجي، لكون المركز مموّلاً من عضو تكتل الإصلاح والتغيير النائب جيلبرت زوين. ويقع المركز على مساحة 200 ألف م2، ويضم مزارع للأحصنة والأرانب والماعز والغنم، وبيوتاً بلاستيكية وزجاجية لتدريب الطلاب وإقامتهم ومنامتهم، إضافة إلى قاعة تستقبل المزارعين للاستشارات. ويتولى المركز إعداد الأبحاث العلمية والإرشاد الزراعي في مجال الأعمال النباتية والحيوانية. وقد نسّقت الكلية مع مصلحة النقل المشترك لتأمين انتقال الطلاب من الكلية إلى غزير وبالعكس (خمس رحلات في اليوم). وكانت الجامعة قد وضعت الحجر الأساس لكلية الزراعة في خربة قنافار التي ستنفذ بهبة من المنظمات الدولية.
ويوضح ساسين في هذا الإطار أنّ الكلية تسعى إلى مجتمع زراعي أفضل، وقد أبرمت اتفاقية مع المصلحة الوطنية للبحوث الزراعية للاستفادة من الأراضي والمحطات، وتطمح إلى أن تستحدث محطة في عكار متخصصة بالطب البيطري، لكون المنطقة تحتوي على 50 في المئة من الإنتاج الحيواني.
ويؤكد ساسين «أنّ لدينا خطة في كل محافظة، ليس لهدف التوزيع الطائفي بل للاختلاف المناخي في لبنان الذي يسمح بتوسيع الاختصاصات وتطبيق الأبحاث».
وبما أنّ الكلية الوطنية هي التي تؤمن عادة الدراسات لوزارة الزراعة، تعود كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية لتأخذ مكانها عبر تعزيز التعاون مع الوزارة التي تقدم الإمكانات المتاحة لديها، فيما ترفدها الكلية بأساتذتها، على حد تعبير ساسين.
بالعودة إلى المبنى، تنفض الكلية عنها غبار الأثاث القديم، وتعتمد على الهبات لشراء تجهيزات جديدة ومختبرات تؤمن البيئة الجامعية للدراسة، وتستعد لاستقبال الطلاب في العام الدراسي المقبل بحلّة جديدة.