خالد صاغيةارتفعت بعض التصريحات «مهدِّدة» بأنّ جلسات مناقشة البيان الوزاري في مجلس النواب قد تمتدّ لثلاثة أيّام. فالنوّاب الكرام لديهم، على ما يبدو، الكثير ليقولوه، على أبواب انتخابات نيابية جديدة. من حقّهم أن يتكلّموا طبعاً، وخصوصاً بعدما غابوا عن البرلمان لفترة طويلة. لكن، من حقّنا أيضاً ألا نسمع، وأن نطالب الشاشات بمتابعة برامجها كالمعتاد. فقد انتهى زمن العنتريّات، واستقرّ الوضع على السباحة داخل المستنقعات القذرة. فما سيقوله نوّاب الأمّة معروف، ومن الأفضل أن يبقى داخل جدران القاعة حيث ستُتلى معلّقات من المديح للقائد الفذّ والرئيس التوافقي الذي سيجلب «الدب من ديلو» خلال زيارته المرتقبة إلى دمشق. وستأتي هذه المدائح أكثر ابتذالاً على لسان الذين رفعوا الصوت عالياً في السابق ضدّ وصول عسكريّ إلى السلطة. وسنسمع مطالعات عن العلاقات اللبنانية ــ السوريّة. وسيحاضر في السيادة «أصدقاء» رستم غزالة وهواة السياحة في عنجر.
سنسمع عن الوعود الربيعيّة مجدّداً، تحت شعار باريس 3 هذه المرّة. والأرجح أنّ الأشدّ حماسة سيكونون أولئك الذين هاجموا طيلة السنتين الماضيتين السياسات السنيورية ــــ إذا ما جاز وصفها بالسياسات.
سنسمع كلاماً حافلاً بالبذاءة العنصرية تحت ستار رفض التوطين، فيما يستبطن هذا الكلام رغبة دفينة في رمي اللاجئين الفلسطينيين إلى أي مكان بعيداً من أرض الأرز وثورتها المجيدة.
سنسمع أيضاً عن ضرورة كشف مصير المفقودين. وسيصفّق لهذا الكلام أمراء الحرب، وأبطال الخطف على الهوية، ومسؤولو حواجز الذلّ والعار الذين باتوا من أصحاب النمر الزرقاء.
سنسمع مزايدات بشأن المقاومة. وسيطالب وطنيّون جُدد بضرورة إسقاط طائرات إسرائيلية الآن الآن وليس غداً. فقد باتت كرامة جميع اللبنانيين فجأة على المحكّ. وسنسمع، في المقابل، كلاماً عن قرار السلم والحرب الذي يريده بيده من هتف ابتهاجاً خلال عدوان تمّوز...