تخضع تجربة حكومة الظل الشبابيّة للتجاذب، فتندرج لائحة مطوّلة من الانتقادات بمستويات مختلفة، فيما يردّ أصحاب الفكرة بلائحة مشابهة تحمل ردوداً وانتقادات مضادّة، لكنهم لا يزالون يرزحون بين مطرقة التمثيل الحزبي وسندان التكنوقراطيّة
محمد محسن
تطال الانتقادات حكومة الظل الشبابية على مستويات متعددة، تبدأ من الهيكلية ولا تنتهي عند حدود الخطاب السياسي. وفي تأسيس الحكومة الأولى وُجهت دعوات إلى الجامعات لأن تتمثّل داخلها، فتحوّل الأمر إلى المجالس الطلابية التي أرسل بعضها مرشحيه، فيما قاطع البعض الآخر. أما في الحكومة الثانية، فقد تغيّرت طريقة اختيار المرشحين لتسلّم «ظلال الوزراء» الأصيلين. وكان على كل من يريد الترشّح أو الانتساب لهذه الحكومة أن يملأ استمارة نشرت على الإنترنت، تضم عدداً من الأسئلة الإلزامية و الاختيارية باللغة الأجنبية، كما واكبت جريدة النهار المشروع عبر إعلان استمر شهرين على صفحاتها، وقد تلقّت مئة وخمسين استمارةً فقط، واختير واحد وعشرون مرشحاً لملء الحقائب بعد خضوعهم لمقابلات شبيهة بمقابلات العمل، فيما جرى توزيع الحقائب بحسب الاختصاصات.
يستغرب محمد (21 عاماً) طريقة تعيين الوزراء الشباب، مؤكدّاً أنّه لم يسمع بهذه الحكومة إلا بعد تأليفها. لا يعزو الطالب في كليّة الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية الأمر إلى عدم اهتمامه ومتابعته للمواضيع الشبابية، بل إلى «الضعف في التواصل مع أصحاب الفكرة»، مشيراً إلى أنهّم «يتواصلون مع جهة واحدة دون الجهات الأخرى، نظراً لانتماء غالبية أعضاء حكومة الظل إلى أحزاب الموالاة».
وينطلق أيمن (22 عاماً) من كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال من النقطة التي انتهى إليها محمد، فيوجّه نقداً سياسياً لـ «حكومة الظل»، وأساس هذا النقد يقوم على «أنّ أعضاء الحكومة بوق طلّابي وشبابي لقوى 14 آذار». ويتحدّث أيمن عن الخطاب السياسي لهذه الحكومة بعد انتقاد الطريقة التي تألّفت على أساسها، «فهي من لون واحد، ولا تمثّل طموحاتي ولا توصل صرختي»، ويعلّل ذلك بأن «القرارات السياسية» لهذه الحكومة «منسوخة» عن قرارات الحكومة السابقة، متسائلاً كيف له أن يثق بهذا النموذج «غير المحايد». أمّا حنان ( 21 عاماً) من كلية الآداب والعلوم الإنسانية فهي تبدي إعجابها بهذه الفكرة، مع «أنّي لم أرَ شيئاً من إنجازاتها حتى الآن». تبدي حنان تحفظّاً على القول إنّ الحكومة تتحدث باسم الشباب، فيما لم يشترك أحد في انتخاب من ينوب عنه ويمثله في هذا المشروع.
وبالنسبة إلى أحمد من كلية الحقوق والعلوم السياسية فيربط بين حكومة فؤاد السنيورة الحالية وحكومة الظل، باعتبار أنه لا يعترف بالأولى، فكيف سيعترف بالثانية؟؟ وهي تمثّل له «حالةً افتراضية» لا وجود لها على أرض الواقع. يصف أحمد نشاطات الحكومة بالفولكلورية فلا «أجدهم إلا في الصور والزيارات البروتوكولية».
يردّ الأمين العام لحكومة الظل الشبابية عيّاد واكيم على هذه الانتقادات، مؤكداّ «أنّنا سنُتّهم بالانحياز إزاء أي موقف نأخذه». ويتحدّث واكيم عن تجربة الحكومة الأولى التي تأسست بفعل عوامل حزبيّة، نظراً لأن الشباب لم يخرجوا حينها من ذهنية زعاماتهم. أما في المرة الثانية، فيؤكد واكيم أنّ الأمور تغيّرت كثيراً، وبات الشباب يتفقون على بعض الأمور رغم اختلافهم العميق في بعض المسائل. وعن طريقة تأليف الحكومة واقتصار عدد الوزراء من الجامعة اللبنانية على اثنين من أصل واحد وعشرين، يوضح واكيم أنّ الأمر مرتبط بآليات اختيار المرشحين لا بجامعاتهم، مشيراً إلى أن تسعةً من أعضاء الحكومة السابقة هم من الجامعة اللبنانية.
ويقرّ واكيم بأن حكومة الظل لا تمتلك صفة تنفيذية على الأرض، والدستور اللبناني لا ينصّ على هذا النوع من الحكومات، ويضعها في إطار «الصرخة الشبابية لإيصال آراء الشباب وهمومهم». يشدد واكيم على ما جاء في بيان الحكومة لجهة اعتناق الليبرالية مذهباً اقتصادياً، مشيراً إلى رفض الليبرالية بشكلها المتوحش، بل تلك التي تضع الدولة ضوابط وقيوداً لها. لكن آليات المراقبة بشكلها المؤطّر والمؤسساتي لا تزال غائبة بحسب واكيم، والأمر يقتصر على مندوبي نهار الشباب، وكأمين عام يتابع أعمال الحكومة ويسأل عن مصير المشاريع والأفكار التي قدّمت.


قدّم وزير الصناعة في حكومة الظل الشبابية بيار ضاهر، من الجامعة اليسوعية، مشروعاً يتعلّق بإعادة تصنيع الورق المستعمل في المؤسّسات التابعة للدولة اللبنانيّة، وخمسمئة شركة أخرى. يتوقّع القيّمون أن يبدأ تنفيذ المشروع في أيلول المقبل.

يشغل رازي الحاج من جامعة الــNDU منصب وزير التجارة والاقتصاد في حكومة الظل الشبابيّة. وقد قدّم رازي مشروعاً إلى وزارة الاقتصاد، يتعلّق بتدريب موظفّي مصلحة حماية المستهلك، وزيادة عددهم الذي كان مقتصراً على خمسة وعشرين موظّفاً في كلّ لبنان.


دورة تدريبية
مهارات وزارية

يخضع المرشحّون الفائزون «بالمناصب الوزارية» في حكومة الظل الشبابية، لدورة تمتدّ شهراً ونصف شهر، يدرسون خلالها مجموعةً من المقررات كفنّ التفاوض والمهارات التواصلية، وكيفية تحضير المشاريع. يذكر أنّ حكومات الظل الشبابية الموجودة في البلدان الغربية تعمل بصفة جمعيّات أهليّة.