رامي زريقهنيئاً للمعارضة اللبنانية بمناسبة إدراج كلمة «مقاومة» في بيان وزارة الوحدة الوطنية. فقد أعطت هذه الكلمة السحرية الحق للشعب اللبناني في التصدي لأعداء الوطن والمواطن أينما كانوا ومهما كانت انتماءاتهم وهوياتهم، بصرف النظر عن طبيعة مؤامرتهم. أما باقي البيان، الذي احتوى على أكثر من أربعين صفحة، فلم يكن بالقدر نفسه من الثورية التي عبّرت عنها فقرة المقاومة اليتيمة. إذ إن البيان أتى ليؤكد هوية لبنان الاقتصادية التي فرضت عليه منذ قيام الجمهورية «الثانية» (أو الثالثة؟ من يدري؟ ومن يحصي؟)، ولترسيخ لبنان في معسكر البلدان الفاشلة التي تحاول جهدها لتقديم أروراق اعتمادها إلى صندوق النقد الدولي، لعلّه يتكرّم عليها ببعض الديون الميسّرة التي سوف تبقيه على رأس لائحة موسوعة غينيس للبلدان المستدينة.
فيعلمنا البيان مثلاً أننا سوف نكمل مسيرة باريس 3 النيوليبرالية، وأننا قد نحتاج إلى مدّ يد التسوّل من جديد، وأننا سوف نجدّد عقد تلزيم الاقتصاد الوطني لصندوق النقد الدولي الذي نجحت سياساته الإصلاحية في تدمير الاقتصاد الزراعي والأمن الغذائي في البلدان النامية، مما أدى إلى نشوب تظاهرات دامية رافقت ارتفاع أسعار الغذاء العالمية. كما أن البيان قد كرّس الشراكة المتوسطية الساركوزية التطبيعية، وخصّص فقرة للقطاع الزراعي استهلّها بكلام عام ليس سوى تكرار للحن القديم الذي يركّز على أهمية «الميزة التفاضلية»، أي بمعنى آخر، الإنتاج الزراعي الموجّه للتصدير، وذلك على حساب السيادة الغذائية ومعيشة المزارع الصغير.
في يوم من الأيام، سوف تفهم المقاومة أن صواريخها غير كافية لتحرير الإنسان من البؤس الاقتصادي والاجتماعي. هذا طبعاً إذا كان من يدير المقاومة مهتماً بهذا النوع من التحرير.