هدى بياسيها نحن نعود من جديد إلى الساحة نفسها التي أعلنّا فيها انقسامنا، ونحتمي بالسلاح من أعدائنا الذين يشاركوننا انتماءنا إلى وطن واحد. فهل نحن حمقى أم قد ضربنا الجنون؟ فلم نَعُدْ نميز بين عدو وصديق! إنها الفتنة، ولكنها فتنة من نوع آخر. فتنة تقسّم بين المرء وزوجه وأولاده، فالهوية لم تعد تجمعنا، ولم نعد نراعي حرمة الجار أو نحفظ ذمة القربى.
جلادنا منّا، جلادنا فينا، فَمَنْ لنا اليوم حليف؟ وكيف ننجو من براثن الحقد والأذى؟
على ما يبدو أنّ شمس السلام لا يحقّ لها أن تشرق هنا، لأننا بدأنا نألف العتمة، وأقصى ما أخشاه أن لا نعي حجم الدمار الذي يحيط بنا قبل أن ينبلج فجر جديد يصعقنا فيه الواقع الأليم عندما نفتح أعيننا يوماً.
آنَ لنا أن نرسل صرخة واحدة بكلمة موحّدة، ننقذ من خلالها ما بقي من صوت بدأ يصدأ في حناجرنا.
نحن شعبٌ يتذوّق الفنون على أنواعها... والسياسة فنّ، هي فنّ الكذب على الناس. ولو فهمنا معنى قول: «كي تنجو في السياسة عليك أن تدوس فوق مبادئك» لعرفنا كم نحن مغبونون!