يسعى مشروع «زيكو هاوس» إلى تأليف فرق مسرحية في عرسال في البقاع، دوما في الشمال، دير قانون النهر في الجنوب، بيصور وجوارها في الجبل
بيصور ـ عامر ملاعب
أكثر من عشرين شاباً لا تتجاوز أعمارهم العقدين شاركوا في مسرحية «عازف النار» التي تندرج ضمن مشروع «زيكو هاوس»، الهادف إلى تأليف فرق مسرحية في أربع مناطق بعيدة عن العاصمة وبعضها عن بعض، تحت شعار محاربة المركزية الثقافية.
وقد تدافع أهالي بلدة بيصور وجوارها من القرى إلى منطقة «الحرش العاصي» على أطراف البلدة، لمشاهدة المسرحية في أحضان الطبيعة. ببساطة، راحوا يفترشون الأرض تحت أشجار الصنوبر، ينتظرون أبناءهم وأصدقاءهم في عملهم المسرحي البسيط، فيما تتوالى تجربة هؤلاء الشبان الأولى لهم على الخشبة، على الرغم من مدة العرض القصيرة التي كانت تحتاج إلى المزيد من المشاهد ومعالجة خاتمة العمل.
جاء العرض نتيجة ورشة عمل مسرحية نظمها «زيكو هاوس»، في إطار مشروع «الموسم» مع شبان المنطقة، وتضمنت النشاطات المسرحية الآتية: إخراج، ماكياج، مساعدة إخراج، صوت، إضاءة، تمثيل، ملابس، وسينوغرافيا. وتمحورت قصة العرض حول فكرة حماية البيئة والطبيعة من مخاطر التدهور الحاصل. فبعدما تحترق الغابات ويسود الظلام والتحجر، يبقى وحده عازف الكمان رمز الحياة التي ستنهض من جديد، رغم ظلام الليل والحرائق والعقول. الفكرة على بساطتها أثبتت «أنّنا نستطيع إبراز الأزمة البيئية عبر المسرح، من دون أن تبقى في إطار «النوستالجيا» والعواطف، بل يمكن أن نضع قضية البيئة في أولويات طروحاتنا وأفكارنا، ومن خلال السياق الطبيعي لحياة الناس وتصرفاتهم اليومية.
مصطفى يمّوت أو «زيكو» يتنقل بين الحضور وكاميرته بيده والفرحة تغمر وجهه ويعلق قائلاً: «المفاجآت السارة تتوالى، الشبان والحضور والطبيعة، كم هو جميل ورائع أن نحوّل أفكار أولئك الشبان ومشاعرهم نحو المسرح والفنون، بدلاً من العنف والحرب»، بينما كان كاتبا النص حسام وفوزي ملاعب يعبّران عن فرحتهما بالعمل الذي انطلق منذ أمد قصير. ويقول الدكتور حسام ملاعب لـ«الأخبار» إنّ «عملنا يذهب عكس التيار وعكس الريح، ليجعل من المستحيل ممكناً ومن الغصات فرحاً وزغاريد، رغم أجواء التشنج والظروف الدقيقة التي مرّ بها البلد».
ويقوم المشروع كدراسة، الذي بدأ العمل عليه منذ فترة، على استقطاب أهالي مناطق بعيدة عن العاصمة، وقد اختيرت أربع مناطق هي: عرسال في البقاع، دوما في الشمال، دير قانون النهر في الجنوب، بيصور وجوارها في الجبل، ويجري تدريب شبان جدد على كتابة المسرحيات والتمثيل، في محاولة لتأسيس فرق مسرحية تبقى في القرى حتى بعد انتهاء المشروع، إذ لم يخلُ التحضير لانطلاق المشروع من المشكلات، لا سيّما في بيصور، التي لا تزال تعاني آثار ما حصل في أيار الماضي، ولحظات القلق والترقب التي عاشوها كانت تمنعهم من التفكير بطريقة منطقية، ومثل هذه المشاريع تحتاج إلى أقصى درجة من الهدوء والطمأنينة كي تستطيع اختراق حواجز نفسية تراكمت عبر أوقات طويلة.
يذكر أنّ ريتا إبراهيم تشرف على العمل، فيما يتألف فريق العمل في المناطق من أربعة مخرجين، وإداريَّين وثمانية مدرّبين. أما تمويل المسرحية فهو من OTI التابع للوكالة الأميركية للتنمية، و«زيكو هاوس».