علي شهاب *ــ إنذار مبكر لحظة اختراق طائرات إسرائيلية المجال الجوي اللبناني. (مع تزايد التقارير عن حيازة حزب الله أسلحة دفاع جوي).
تزامنت هذه المعمعة مع تزايد الحديث الإسرائيلي عن «توتر يزداد حدّة على الحدود الشمالية»، وخاصة مع انتهاء تبادل الأسرى و«حاجة» حزب الله لتنفيذ انتقامه لاغتيال قائده العسكري عماد مغنية في شباط الماضي.
أمّا في السياسة، فتجدر الإشارة إلى تزامن التركيز على تعزيز الحزب لقدراته العسكرية مع المفاوضات السورية ـــــ الإسرائيلية وتلك الأميركية ـــــ الإيرانية: تتقاطع المصلحة الأميركية مع الإسرائيلية في المبالغة في تصوير قدرات الحزب في هذه الفترة تحديداً. مشهد مماثل شهده الإعلام الأميركي في الفترة التي سبقت اغتيال عماد مغنية من خلال التركيز على «خطر حزب الله على المصالح الأميركية في الخارج»، و«تعقيد جهازه الأمني الذي اخترق مرتين وكالات حكومية أميركية»، بحسب مؤسسة «استراتفور» للتحليل الأمني والاستراتيجي؛ في إشارة إلى قضيتي النقيب في مشاة البحرية الأميركية سمر سبينالي والعميلة في مكتب التحقيقات الفدرالية ندى بروتي.
وبالعودة إلى قضية الرادارات المزعومة في «صنين»، يعلم حزب الله تماماً أنّ أيّ تبديل في عقيدته القتالية سيعني خسارة في وضعه استراتيجياً. أولى بديهيات عمل «المقاومة» تكمن في سرّيتها، فكيف سيكون بمقدور الحزب حماية رادارات أو أنظمة دفاع جوي؛ أي «أهداف ثابتة» يستحيل إخفاؤها بسبب حجمها، في منطقة مفتوحة؟
غير أنّ سيناريو حادثة «صنين» بمجمله يفرض تساؤلات عن الهدف من إثارة هذا الموضوع في هذه الفترة بالتحديد.
من البديهي الاستنتاج بأنّ إسرائيل تبحث حالياً عن «نصر إعلامي» شبيه بالغارة الأخيرة على دور الزور في سوريا، في خضمّ الانتصارات المتلاحقة التي يحققها «محور الشر»؛ وليس آخرها جرّ الأميركيّين إلى تسوية مع الإيرانيين حول العراق وإطلاق سراح سمير القنطار وباقي الأسرى.ضرب نقاط معينة في لبنان قد يحقّق الهدف الإسرائيلي، وخاصة إذا ما تم إضفاء رمزية وأهمية على هذا الهدف (رادارات لحزب الله مثلاً).
كذلك، عقب كل حدث مفصلي (مثل تبادل الأسرى) يرتفع تلقائياً مؤشر الخطر الإسرائيلي من تنفيذ اغتيالات داخل الساحة اللبنانية وفي صفوف المقاومة تحديداً.
وبغض النظر عن السيناريو الذي ستلجأ إليه هذه المرة، فإنّ المؤكد أنّ قادة إسرائيل يشعرون بأزمة كبيرة على الصعيد السياسي والاستراتيجي دفعتهم إلى استخدام أساليب بدائية في الحرب النفسية للتنفيس عن هذا الاحتقان من قبيل الرسائل الهاتفية للبنانيين في الآونة الأخيرة، من دون أن يعني هذا التخبط الإسرائيلي المرحلي في مواجهة حزب الله عجزاً دائماً، إذ إنّ هناك «أساليب غير تقليدية» لمواجهة الحزب، بحسب دراسة صادرة عن كلية البحرية الأميركية.
وبالحديث عن الأساليب غير التقليدية، تفاجئك مبالغة الغربيين لدى تقويم قدرات حزب الله: أحد التقارير الأمنية الأوروبية الصادرة أخيراً تحدث عن حيازة حزب الله غواصات صغيرة، يُشغّل الواحدة منها عنصر واحد، سلّمتها إيران إلى الحزب في إطار السعي لـ«تعزيز قدرات حزب الله وحماس البحرية عند خاصرة إسرائيل».
أمّا الأميركيون، فهم أكثر استعداداً للذهاب بعيداً عندما يريدون تكبير خطر جهة ما؛ من هنا يجري الحديث عن إمكان أن تقوم إيران بتزويد حزب الله «بصواريخ باليستية بعيدة المدى تعمل بالوقود الصلب ومجهزة بنظام توجيه عبر قمر صناعي»، أو سعي سوريا لتزويد الحزب بـ«روؤس كيميائية».
على هذا المنوال، قد يجد السيد حسن نصر الله نفسه قريباً متهماً بإيواء علماء ذرة من كوريا الشمالية أو دول الاتحاد السوفياتي السابق. وقريباً جداً، قد يُدرج حزب الله على لائحة المنظمات «النووية»!
كنت أنتظر سيارة أجرة على أوتوستراد هادي نصر الله، بُعيد خطاب السيد حسن الذي توعّد فيه إسرائيل بـ«المفاجأة الكبرى»، حين سمعت رجلاً عجوزاً يكاد يقسم لصاحبه أن «القنبلة النووية الإيرانية» أصبحت في حوزة حزب الله: خطير بالفعل ما يمكن أن تفعله وسائل الإعلام في الإدراك والوعي الإنساني على صعيد تنميط الصورة وتشويه الحقائق.
يبقى العزاء في أن الصحف الإسرائيلية ـــــ بالمناسبة لطالما كان الإعلام الإسرائيلي متقدّماً على صعيد الحرفية المهنية ـــــ صارت تنقل أخبارها عن الصحف اللبنانية والعربية!
* صحافي لبناني