بيار الخورينعيش اليوم في المنابر الخطابية، عمليات مزايدة على حماية وجود المواطنين بمختلف أطيافهم. لم يعد هناك مكان للحديث عن معاناة الشعب ولا عن الثقل الاجتماعي الذي يعيشه. فالضجيج الانتخابي وصل إلى ذروته في البرلمان، لدرجة أن الميكروفونات أصبحت غير نافعة في ظلّ الصراخ العالي والمتوتّر خوفاً من الوقت: عشرة أشهر فقط تفصلنا عن الانتخابات! مسيحيّو 14 آذار يعملون على فكرة ترسانة حزب الله العسكرية التي تمثّل السّلاح الوحيد لدحر فكرة الـ70%، حيث هاج وماج أحد أركانها مؤكّداً وجود «مزبلة الـ70» في صنّين. العمل دؤوب لضرب التيار الوطني الحرّ من خلال سلاح حزب الله وتخويف المواطنين من تكرار عملية غزو بيروت في قلب مدن «بيت المستقبل» سابقاً.
أمّا التيار الوطني الحرّ، فيحاول أيضاً قضّ مضاجع المواطنين «المسيحيين» بخطر التوطين، حيث ركّز نوّابه على فكرة ترحيل الفلسطينيين المقيمين في لبنان، انطلاقاً من أنّ «الكلام العنصري، مربح انتخابياً». الفريق الأوّل مواظب على إدانة المدّ الشيعي، مدعوماً بتحالفاته السّنية. أمّا الثاني فيصحّح المسار الفلسطيني مهوّلاً بالمدّ السنّي مدعوماً من حزب الله المؤمن باسترجاع الحقوق الفلسطينية، ومنها عودة اللاجئين.
تيّار المستقبل يعيش وجدانيات أليمة من نكء الجراح وبلسمتها في آنٍ معاً، ويخاطب جمهوره السنّي بالقول ضمناً: «لا يمكن مداواة الجراح في بيروت نتيجة غزوها إلاّ بعد الانتخابات»، محمّلاً الحزب المسؤولية الكاملة عن أحداث بيروت، وقد سها عن فكره أنّه «في كلّ مشكلة، حتّى لو شارك فيها كثيرون، هناك شخص واحد دائماً هو الملام» كما يقول غبريال غارسيا ماركيز في «ساعة نعس». أمّا حزب الله وحركة أمل فشعارهما واحد «الحفاظ على السّلاح» وهذا كافٍ انتخابيّاً.
كلّ المسؤولين يبغون الربح، أمّا الشعب فهو الخاسر الأكبر، الانحدار الاجتماعي يتّجه في خطّ بياني نزولاً إلى القعر، حيث لا مكان للنهوض.