صباح أيوبلماذا يرمق آخر زاوية شاشته وإصبعه ثابت على الزّر نفسه؟ ما الذي قد يجعل الوزير الستّيني ذاك يسرح لساعات في شاشته السوداء الصغيرة؟ هل هي مضاءة أصلاً؟ هل خضع الجميع لدورات تدريبية على استخدام البرامج؟ هل هناك أحرف عربية على المنضدة؟ هل هناك كلمة سرّ للدخول إلى جهاز كل وزير؟ هل تتلف الملفات نفسها تلقائيّاً عند إطفاء الجهاز؟
في كلّ جلسة وأمام كلّ صورة لمجلس الوزراء منعقداً، تذهب مخيّلتي ـــ ربما ليس بعيداً ـــ إلى احتمالات ومشاهد كثيرة عن أولئك المجتمعين وتلك الشاشات وما عليها: أحدث صور لهيفا وهبي، أحدث نسخة من لعبة «طرزان» الإلكترونية، صور الأولاد والأحفاد والعائلة في العيد، «المنقذ» للترجمة، إعلان «رحلة العمر إلى جزر المالديف»، لائحة باسم كل وزير مع صورته الشمسيّة وحقيبته، شعار «أحبّ الحياة»، كلمات متقاطعة، «سو دو كو»، تبصير، بوكر، صفحة الاستقبال لموقع مجلس الوزراء الإكتروني ثابتة لا تتحرك، صفحة البورصة...
لحظة، هل تلك الأجهزة موصولة بشبكة الإنترنت؟ إن كانت كذلك، فالحديث يطول ومخيّلتي قد لا تنضب أبداً. تخيّلوا. أما إن لم تكن موصولة، فأنا على استعداد للتبرّع بتأمين خدمة الإنترنت لمجلس الوزراء ومجلس النوّاب سواسية. وليستخدموه للتسلية، للترفيه، لمضيعة الوقت أو للإفادة، لا يهمّ... المهمّ أن يُلزَم حينها ممثلو الشعب والأمّة بتبادل نقاشاتهم، وجلساتهم، وبيانهم الوزاري عبر الـ«إم إس إن» أو الـ«فايس بوك» فقط... أحلى، أسرع، وأريح. لنا بالطبع.