خالد سليمانأقام منتدى المحامين في جمعية العزم والسعادة دورة عن الوساطة كوسيلة لحل النزاعات التجارية، في مقر الرابطة الثقافية في طرابلس. تناولت الدورة محاضرات نظرية وورش عمل عن الوساطة كوسيلة لحل الخلافات التجارية بدل اللجوء إلى القضاء والتحكيم اللذين يكلفان الكثير من الوقت والمال. ورغم أن مفهوم الوساطة لا يزال غامضاً في العالم العربي، بسبب ضعف الثقافة القانونية وغياب التشريعات التي تنظم الوساطة كمؤسسة قانونية بديلة لحل النزاعات التجارية، إلا أنّ الأردن كان أول دولة عربية تسن تشريعاً خاصاً لتسوية النزاعات المدنية في عام 2006، كما أنشئت في مصر جمعية خاصة تعمل على تطوير ثقة الجمهور العربي بمصداقية عمليات تسوية النزاع بالطرق البديلة.
وقد أُثيرت خلال الدورة نقاشات عن دور القاضي والمحامي في اللجوء إلى الوساطة لحل الخلافات التي تُعرض أمام القضاء. ورأى القاضي المنفرد في حلبا الرئيس خالد عكاري أن نصوصاً في القانون اللبناني تشير إلى دور القاضي في المصالحة والتوفيق بين المتنازعين، مشيراً إلى أن هذه النصوص غير مفعّلة بالشكل الكافي في المحاكم. أما القاضي إيهاب السنباطي (من مصر)، فرأى أن الوساطة فن يقوم على عقد صفقة بين المتخاصمين لا حل النزاع كما في المحاكم، حيث يعمل الوسيط على تقريب وجهات النظر بين الخصوم الذين قد يتوصلون، أو لا يتوصلون، إلى حل لنزاعهم. وأضاف السنباطي أن المحامي قد يعقد الأمور إن لم يكن مقتنعاً بالوساطة، لأنه يركز على المصلحة الضيقة لموكله بدل المصلحة الواسعة، لذا يجب أن يتمتع الوسيط بالحيادية.
من جهته، تحدث المحامي محمد صلاح عبد الوهاب عن صياغة اتفاق الوساطة (النطاق الموضوعي، القواعد الواجبة التطبيقة، المقرر، اللغة، السرية....)، لافتاً إلى أن الوساطة قد تكون حرة ومؤسساتية كما هو الحال في التحكيم، مشيراً إلى أن الوصول إلى الاتفاق قد يمر في مراحل متعددة (التفاوض، الوساطة، التوفيق، التحكيم، القضاء) من دون ضرورة أن يتمتع الوسيط بخبرة مهنية سوى حسن التعامل بين الأفرقاء، لأن الوساطة لا تقدم حلاً ملزماً للخصوم.
وأشار الخبير القانوني ميناس خاتشادوريان إلى أن اللجوء إلى الوساطة سببه رغبة الأطراف في حل النزاع سريعاً، تجنباً لإجراءات التقاضي الطويلة.
الدورة دعت في ختام أعمالها إلى إنشاء مراكز وجمعيات وساطة تساهم في تخفيف مشكلة الاختناق القضائي وبطء البت في الدعاوى القضائية التي تستغرق سنوات، مع الإشارة إلى أن الوساطة في بعض الدول الغربية لم تعد تقتصر على المواضيع التجارية، بل باتت تشمل قضايا الأحوال الشخصية والعمل والقضايا الجزائية والإدارية.