ديما شريفلا يا صديقي. الذهاب إلى العمل في الصباح ليس بالعمل البسيط في دولة مثل لبنان. ربما من الأفضل أن نسهم في رفع مستوى البطالة ونبقى كلنا في منازلنا مختبئين في الحمام بعيداً عن كل عواهر السياسة والأمن. فهؤلاء لا يهنأ لهم عيش إلا إذا بدأ صباحهم بمأتم وانتهى بوليمة جثث متفحّمة.
صديقي العزيز، ربما هذه ليست الجريدة المفضّلة لديك لأودعك منها، فأرجوك اعذرني. ولكنني أردت فقط أن أخبرك أنني سأفتقد عبارة «كيفك صديقتي» التي كانت تخرج من أحد الأركان المظلمة، فجأة ودون سابق إنذار، كل مساء جمعة وأنا في طريقي إلى سهرتي المعتادة. كما سأفتقد وجودك كل ظهر سبت على البحر، وتهريبك ما يزيد عن العشرين صدفة من حصة الذين يرافقونك إلى «الزيرة» كي تعطيني إياها وأنت تعتذر سلفاً أن عددها قليل.
ولكن دعني أخبرك شيئاً. ما سأفتقده أكثر من كل شيء هو ثلاثة وثلاثون يوماً في عدوان تموز، أضفيت خلالها على سهراتنا القاتمة بهجة وسروراً. وحوّلت حفلات أسماء الشهداء وأعدادهم إلى احتفالية بالصداقة والحب والرغبة الكبيرة بالبقاء.
أخيراً أسألك «كيفك صديقي؟». وداعاً.