خالد صاغيةبعد اتّفاق الدوحة، وانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، غاب الملف الاقتصادي الاجتماعي عن دائرة المسائل الخلافيّة. جرى التشديد على ما سمّي «معالجة» قضية سلاح المقاومة، بالتزامن مع تبنّي نتائج مؤتمر باريس ــ3 باعتبارها عنوان «الإصلاح» الاقتصادي. لم يتبدّل هذا الأمر لدى مناقشة البيان الوزاري. فقد تولّى حزب الله ـــ لا فؤاد السنيورة ـــ إسكات المعترضين على استمرار الرؤية الاقتصادية نفسها بالتحكّم برقاب الناس. وكأنّ ممثّلي الحزب أرادوا التغاضي عن الوضع المعيشي المتفاقم، أو ترك معالجته بأيدي السنيورة اليمينيّة الأمينة، لقاء الاعتراف بحق لبنان وشعبه ومقاومته بالعمل على إنهاء الاحتلال والتصدّي للاعتداءات الإسرائيلية.
والواقع أنّ سلوكاً كهذا ينسجم مع مشروع المقايضة الذي كان الأمين العام لحزب اللّه قد طرحه في خطاب سابق، والذي يمكن تلخيصه بـ: أعطونا المقاومة، وخذوا الاقتصاد، مترحّماً على أيّام الرئيس رفيق الحريري. هذا السلوك لا يعني التغاضي عن عمليّة النهب المنظّم التي طالت اللبنانيين خلال الحقبة الحريريّة وحسب، إنّما يعني أيضاً تنكّر المعارضة لخطابها طيلة السنوات الثلاث الماضية، ذاك الخطاب الذي طال أداء السنيورة الاقتصادي خلال تولّيه وزارة المال لسنوات طويلة.
يمكن القول إنّ خطاب السيّد حسن نصر اللّه أمس، وطرحه لضرورة أن تشمل طاولة الحوار النقاش بشأن استراتيجيّة اقتصاديّة اجتماعيّة ودولة عادلة، ما هو إلا تصويب لمسار «المعارضة» منذ ما بعد اتفاق الدوحة. ذاك المسار الذي بدا فيه حزب الله وحلفاؤه مستعدّين للتخلّي عن الدفاع عن لقمة المواطن، ما دامت حرية امتلاك الصواريخ متوافرة.
لكنّ طرح الاستراتيجيّة الاقتصاديّة على جدول الأعمال ليس وحده كافياً. لا بدّ لحزب الله والتيار الوطني الحر، خاصة، من تقديم رؤيتهم الاقتصادية الاجتماعية التي ينبغي أن تكون بالحدّ الأدنى أقلّ انحيازاً إلى مصلحة رؤوس الأموال، وأكثر التفاتاً إلى مصالح الطبقات الوسطى والمهمّشة. وإذا كان حزب اللّه أكثر قدرة على إهمال مطالب هذه الطبقات، أو على تلبيتها من دون المرور بتغيير سياسات الدولة، فإنّ التيار الوطني الحر لا يملك هذا الترف، وعليه أن يعي هذه الحقيقة جيّداً.