عمر نشّابةكان متوقّعاً أن تشمل الحملة ضد سوريا بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري «حزب الله»، بحيث لم يكن منطقياً، مهما كانت الظروف، أن يأخذ كوادر المقاومة موقفاً عدائياً تجاه سوريا، لأنهم مدينون لها لتزويدها السلاح منذ استُحيل استقدامه من مصادر أخرى أو عبر طرق مختلفة في أواخر ثمانينيات القرن السابق.
لم تتنبه قوى «المستقبل» للظروف التي تدفع «حزب الله» إلى عدم مراعاة أي موقف معادٍ لسوريا، فكيف لو كان ذلك الموقف أشبه بإدانتها بارتكاب ما أطلقت عليه قوى 14 آذار اسم «جريمة العصر».
ولم يبالِ الحريريون بمعنى الدعم الأميركي لـ«ثورة الأرز» والتحالف مع من يراه كثيرون، عن حق أو عن باطل، قاتل الرئيس رشيد كرامي وحليفاً للإسرائيلين. فلا سقوف للمستقبل بعد اغتيال الحريري، ولا حدود للهجوم الشرس على سوريا وإدانة كل من يتحالف معها، لا بل كل من يرفض مخاصمتها. هكذا نشأ المناخ الذي سمح لأي كان يتمتع بـ«العنفوان» الأعمى نفسه ضد سوريا، بأن يتقرّب من تيار المستقبل أو أن يلتحق به.
وساد وهم في قريطم أن السعودية أصابها من تطيير للسقوف ما أصابهم، وأنها مستعدة لمساندة «المستقبل» حتى عسكرياً. وجاءت أحداث أيار الماضي لتكشف وهمية الدعم السعودي المطلق، حيث كان الجيش اللبناني وحده من انتشر في محيط منزل سعد الحريري ليعطيه معنويات أمنية، بينما كان مهندس تسوية الدوحة يصافح الرئيس السوري في دمشق.
رغم ذلك، ورغم خسارة رهان الإدارة الأميركية على نجاح سهام «ثورة الأرز» في إصابة المقاومة، استمر هجوم نواب تيار المستقبل على سلاح حزب الله. قد تكون مبرّرات هذا الهجوم انتخابية، لكنها ليست مناسبة سياسياً. وقد يصحّ القول إن مهاجمة «حزب الله» أصبحت البديل الوحيد لانهيار «المستقبل» انتخابياً. ولا شك في أن جنبلاط «شاطر» في التكويع، إذ إنه يضمن أصوات الجبل، لكنّ التكويع بهذه السرعة قد يقلب السيارة في المدن.
لا يستحق «المستقبل» السقوط، لأن كوادره ليسوا خونة ولا عملاء للخارج، بل مبتدئون في السياسة، يتمتّعون بشعبية واسعة، دفعتهم عواطفهم إلى الهاوية وهم يحاولون اجتنابها بالعواطف.