ليال حدادعندما وُلدت مريم لم يستشرها أحد في جنسها، «فلو سألوني لكنت أخبرتهم أنني أريد أن أكون صبياً. أظن ذلك». هكذا، بهذه البساطة، ولدت فتاة «بالغلط» كما تقول، فهي متأكدة من أنّ «خطأً تقنيّاً» حصل أثناء تكوينها.
هذا ما تعتقده مريم، وهذا ما يوافق عليه محيطها القريب والبعيد. ومع ذلك، لا يمرّ نهار من دون أن تتعرّض لانتقاد من والدها أو والدتها، «تكويني مكتمل كفتاة، ومع ذلك أنا غير مرتاحة مع جسدي». هذا الجسد الذي يتعب مريم، جميل ومثير، وفيه كل علامات الأنوثة، رغم محاولاتها الحثيثة لتغطيته بثياب فضفاضة.
بدأت قصة مريم حين كانت في الخامسة من عمرها، وقرّرت أن ألعاب الفتيات لا تستهويها، وأن اللون الزهري «قبيح ومنفّر». كانت تستعير لعب أشقّائها الثلاثة، من أسلحة وجنود وسيارات، وترمي بألعابها الخاصة من النافذة إلى حديقة الجيران.
كبرت مريم، وكبر معها شعورها بانتمائها إلى عالم آخر، فلا ثرثرة الفتيات في الصف تعنيها، ولا مجلات الموضة. عند هذه الحدود، وقفت «رجولة مريم». فهي لا تحبّ عالم الفتيات، ولا الفتيات. «أنا لست مثلية، فقد مررت بعلاقات عدة مع شباب، وكنت مرتاحة جداً، لكنهم هم من لم يتحمّلوا «طبعي الذكوري» في كثير من الأحيان».
اليوم توقّفت مريم عن البحث عن علاقات عاطفية، تريد أن تسافر وتعيش كما يحلو لها، بعيداً عن أحكام المجتمع المسبقة، عن كل ما هو خارج عن المألوف، «لا أفهم لماذا يرفض مجتمعي تقبّلي كما أنا، أنا فتاة وأحب أن أعيش كالشباب، هذا كل ما في الأمر». نعم هذا كل ما في الأمر، ومع ذلك تبدو الأمور أصعب بكثير في حياة مريم المعقّدة.
تحلم أن تجد في الخارج من يقبلها كما هي، ويحبها كما هي، «لا أحب جسدي ولا أحبّ شكلي، ولكن أتمتّع بكامل مقوّمات الفتاة الطبيعية، أين المشكلة؟». لو وُلدَت صبياً لكانت حياتها مختلفة. هذا ما تثق به، «لو كنت شاباً لكانت حياتي كاملة ولم أكن لأستيقظ على شجار مع والدتي بسبب شكلي، ولا نمت على مشكلة مع والدي بسبب تأخري في الزواج».