أزمة السجون من الأزمات الصعبة التي تواجهها الحكومة الجديدة، إذ إن أوضاع السجون لا تتناسب مع المعايير القانونية والدولية. وفي ما يبدو أنه عملية تجميل سطحية، قررت قوى الأمن نقل سجن زحلة للنساء إلى مبنى المستشفى الحكومي
البقاع ــ نقولا أبورجيلي
بدأت مصلحة الأبنية في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إعداد الدراسات تمهيداً لنقل سجن النساء في زحلة من مكانه، بعدما قضى نحو 50 عاماً في المكان ذاته من دون أي تجديد يذكر. فالسجن الحالي بناء قديم العهد، وهو مؤلف من أربع غرف وبهو للتنزه وحمام واحد. ويضمّ بين جدرانه 17 سجينة، بينهنّ خمس محكومات والباقيات موقوفات، وهنّ قيد المحاكمة بجرائم مخدّرات ودعارة وقتل.
يقع المبنى الحالي للسجن في حي مار الياس بمدينة زحلة، ويبعد نحو 1000 متر عن مبنى السرايا، وهو قريب من مستشفى تلشيحا، ومن مبنى البلدية الذي يضم سجن الرجال. وخلف جدران سجن النساء تعمل خمس حارسات بالتناوب، وتتبادل ممرضتان تقديم العناية الطبية للسجينات.
وقد قع الاختيار على نقل السجن إلى قسم من مبنى مستشفى زحلة الحكومي القديم، في حيّ المعلقة ـــــ زحلة. وبعد نيل موافقة وزارة الصحة، باشرت اللجنة عملها بالكشف على الجناح المفترض استخدامه، وهو جزء من الطبقة الأرضية من المبنى الذي كان يُشغَل سابقاً سجناً مخصصاً لمعالجة الموقوفين والسجناء المرضى. ويتألف القسم المذكور من أربع غرف وحمام، وخلصت اللجنة إلى اقتراح ضم خمس غرف أخرى وحمام وقاعة إلى السجن الجديد، على أن تستخدم الغرف الإضافية من إدارة السجن والمنامة عناصر الحماية من الخارج، فضلاً عن غرف للحارسات داخل السجن. ومن المفترض أن تتسع الغرف لنحو مئة سجينة كحد أقصى، وقد لحظت المقترحات إنشاء حمامات حديثة وأماكن للتهوئة بمواصفات تراعي الأوضاع الإنسانية والصحية لنزيلاته.
وقال مصدر أمني لـ«الأخبار» إن المباشرة بتنفيذ الأعمال سيتم خلال مدة قصيرة، وفور موافقة المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي على أفضل العروض التي تقدم بها ثلاثة مقاولين عن طريق المناقصة، على أن تبدأ الأشغال والتعديلات بإشراف مصلحة الأبنية فور توفر الاعتمادات المالية اللازمة. وأكّد المصدر أن الأعمال ستنجز بسرعة، مع الإشارة إلى أن مبنى مستشفى المعلقة القديم (كما درجت تسميته) مؤلف من ثلاث طبقات تحتوي على 120 غرفة بأحجام مختلفة، معظمها فارغ. وتشغل بعضها مراكز لتوزيع اللقاحات والرعاية الصحية الأولية ومركز للترصد الوبائي، وقد وضعت نحو 30 غرفة بتصرف قيادة وعناصر فوج التدخل السريع (الفهود) التابع لقوى الأمن الداخلي. كما خُصّص جناح آخر لضباط وعناصر مكتب مكافحة الإرهاب التابع لوحدة الشرطة القضائية.
اما أسباب إخلاء سجن النساء القديم، فمردها إلى افتقاده لأدنى المواصفات الصحية والإنسانية، من ناحية عدم صلاحية جدرانه التي تتآكلها العفونة نتيجة الرطوبة وإهمال العناية بالمبنى الذي استؤجر لهذه الغاية في منتصف ستينيات القرن الماضي. سبب آخر دفع المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إلى دراسة نقل سجن النساء من مكانه، وهو أن إدارته وحراسته الخارجية تقعان على عاتق عناصر سجن زحلة للرجال الذي يبعد عنه عشرات الأمتار. ومع اقتراب نقل الأخير إلى المبنى الجديد الذي شارفت أعمال إنجاز بنائه على نهايتها، وبغية التخفيف من أعباء إقامة نقطة حراسة دائمة ومستقلة، خلصت المقترحات إلى نقله إلى مبنى مستشفى زحلة الحكومي القديم، الذي تقوم بمهمة حمايته من الداخل والخارج العناصر الأمنية التي تشغل عدداً كبيراً من غرفه.
تجدر الإشارة إلى أن سجن النساء في زحلة، وكغيره من السجون اللبنانية، يفتقر إلى برامج إصلاحية تساعد السجينات على الاندماج مجدداً في مجتمعهنّ من دون الحاجة للعودة إلى مخالفة القانون. وباستثناء ما تقوم به جمعيات أهلية لناحية محاولة تعليم السجينات بعض الحرف اليدوية، فإن السجينات يقضين معظم وقتهنّ من دون أي عمل يذكر.