وسام اللحامإنّ المشكلة الأساسية لانتخابات 2005 هي أنها سمحت عبر قانون الألفين لطائفة معينة بالحصول على أكثرية في مجلس النواب، مما هدد التوازن الدقيق القائم في لبنان، وأخلّ بمبدأ الديموقراطية التوافقية. ففلسفة النظام اللبناني قائمة على فكرة المشاركة، بحيث لا تستطيع طائفة ما، مهما كانت أهميتها، أن تستأثر بقواها الذاتية فقط بالسلطة، وأن تتمكن من حكم البلاد بمفردها. فالطائفة المارونية على سبيل المثال، تتمثل بـ34 نائباً في مجلس النواب، ما يعني أن هذه الطائفة يحقّ لها من حيث المبدأ أن تأتي بـ34 نائباً كحد أقصى، وذلك بأصوات مارونية صرفة. وينطبق هذا الأمر على سائر الطوائف، مما يؤدي إلى منع هيمنة أية طائفة على الأكثرية في مجلس النواب، لأن النتيجة المنطقية لهذه الآلية تقود حكماً إلى التوازن، بشكل تجد كل طائفة نفسها أنها عاجزة عن الوصول إلى السلطة دون مشاركة الطوائف الأخرى.
لذلك يتبين لنا أن قاعدة الأكثرية في لبنان ليست قاعدة حسابية فقط. فالأكثرية في لبنان هي بالضرورة تحالف الزعيم السياسي الذي يمثل الأكثرية في طائفة ما مع سائر الزعماء الذين يمثل كل واحد منهم الأكثرية في طائفته. وعندما يحترم هذا الأمر لا نعود بحاجة إلى الثلث المعطل، لأن هذا الثلث وجد اليوم نتيجة تمتع فريق ما يمثل طائفة محددة بالغالبية في مجلس الوزراء، أي إن الثلث المعطل هو عبارة عن الفيتو الذي ستمارسه طوائف المعارضة مجتمعة في وجه قدرة القرار التي تملكه الطائفة التي تتمتع بالأكثرية. وتنتفي الحاجة إلى فيتو كهذا في الظروف العادية، لأن أي طائفة بمفردها لن يكون بمقدورها امتلاك الغالبية في مجلس الوزراء، لأنها بكل بساطة لا تتمتع بغالبية في مجلس النواب. وهكذا يتبين لنا أهمية قانون الانتخاب الذي لا يقتصر على حسن التمثيل بل يتعداه إلى تأمين التوازن في السلطة، واستطراداً الاستقرار في النظام.