خضر سلامة«السعادة لا تشفي من المرض، لكنها تقي من الإصابة به»، هكذا يشرح روت فينهوفن، من جامعة ايراسمس في روتردام، فكرته عن أهمية السعادة في حياة الإنسان في دراسة ستُنشر الشهر المقبل في عدد من المجلات العلمية العالمية. يعدّ فينهوفن من أهم الباحثين في العالم في «شؤون السعادة»، وهو مدير المكتب العالمي لـ «data» السعادة، وصاحب كتاب «شروط السعادة». يقول في بحثه الجديد، معتمداً على دراسة من ثلاثين فترة عمل في عدة دول حول العالم، حيث شملت الأعمار أشخاصاً تراوح أعمارهم بين سنة واحدة وستين سنة، أن السعادة عامل مهم في إطالة عمر الإنسان من سبع سنوات ونصف سنة حتى عشر سنوات للفرد الواحد!
ولكن ما هي السعادة؟ فينهوفن نفسه يؤكد في مقال له أن لا مفهوم ثابتاً للسعادة، وأنها قضية نسبية تختلف مع اختلاف البيئة والظروف، وهي عموماً تكامل بين معطيات كثيرة تحوم في حياة الإنسان، من الوضع المادي إلى الأسرة والوضع السياسي والأمني بل وأحياناً الراحة الدينية. من جهة أخرى، يسخر الاقتصادي الأميركي بيل مككيبين، من فكرة تحديد السعادة بمفهوم ثابت، ويقول في كتابه «في عمق الاقتصاد» إن «الاقتصادي سيبدأ بسؤالك ماذا اشتريت اليوم؟ ليصل بعدها إلى سؤالك عما إذا كنت تعيش جيداً»، في إشارة إلى تيار من الاقتصاديين يرى أن وصول الإنسان إلى تأمين قدرة شرائية ذاتية متوسطة، يجعله قادراً على بناء علاقات اجتماعية سليمة وتالياً، على أن يكون سعيداً. نظرية يخالفها الدينيون مثلاً، الذين يربطون شروط السعادة بالعلاقة بالله، وتختلف من هنا نظرة التيارات الفكرية والاتجاهات الاجتماعية إلى مصدر السعادة وسببها.
وكان الباحث الهولندي فينهوفن قد عرض في دراسة سابقة له نشرها عام 2000، كيف تساعد السعادة على تخفيف المخاطر الصحية للإنسان، فهو يصبح أكثر ديناميكية، يدخّن أقل، أكثر انفتاحاً على العالم وتالياً أقل حزناً وأكثر وقاية من أمراض القلب والضغط وغيرها. نظريات ينطلق منها فينهوفن في دراسته اليوم للوصول إلى حقائق رقمية وعلمية أكثر وضوحاً، ترسم أهمية السعادة لقلب الإنسان ولصحته الجسدية والنفسية.