هيثم خزعلوسيم حدرج شاب لبناني لم يبلغ بعد العقد الثالث من العمر، لكنه تمكّن من تحقيق أبحاث في فرنسا، ساعدت على فهم أحد أنواع هرمون أنجيوتنسين الموجودة في جهاز الهرمونات رينين ـــ أنجيوتنسين. درس الشاب الجنوبي الكيمياء الحياتية في كلية العلوم في الجامعة اللبنانية، وحاز الجدارة عام 2002. أكمل وسيم دراسة الماجيستير في الجامعة اليسوعية، وتخصص في الكيمياء الغذائية، بعدها انتقل إلى جامعة ليون في فرنسا، حيث تابع دراساته العليا، وحاز شهادة الدكتوراه، وذلك بعدما حصل على منحة من مركز البحوث الوطني اللبناني.
عمل وسيم في أطروحته على دراسة العلاقة بين أمراض القلب ومرض السكري الذي يصيب المرضى ممن تتخطى أعمارهم أربعين عاماً، حيث يترافق ظهور المرض مع السمنة وأمراض الضغط المرتفع. وقد تركز البحث على عمل جهاز الهرمونات رينين ـــ أنجيوتنسين (renine-(angiotensine . والـ renine هرمون تفرزه الكلى، أما الأنجيوتنسين فهو هرمون تفرزه أعضاء عدة، وخاصة الكبد. ويهدف جهاز الهرمونات إلى ضبط ضغط الدم في كل شرايين الجسم. وفي هذا الجهاز أنواع عديدة من هرمون أنجيوتنسين، وقد استطاع حدرج فهم النوع الرابع منه وهو الأهم، وكانت تركيبته كما تأثيره لغزاً بالنسبة لعدد كبير من البحوث. وأثبت حدرج أنه مركّب من ست وحدات من الحامض الأميني، وأنه بعد إفرازه في الدم يثبّت الهرمون على غشاء الخلايا ويدشّن داخل الخلية تفاعلات عدة توقف عمل الأنسولين. إذ تؤدي هذه التفاعلات إلى تغيير مستوى الفوسفور في أجزاء بروتينية من المُستَقبِل الخاص بالأنسولين، هي التيروزين الموجود في الموقعين 312 و616 منه، ويمثّل هذان الحامضان مفتاح عمل الأنسولين، ويؤدي تغيير مستوى الفوسفور فيهما إلى تعطيل عمل الأخير رغم وجوده على المُستَقبِل الخاص به. ومن المعروف أنه حين يثبت الأنسولين على المُستَقبِل الخاص به تبدأ تفاعلات عدة داخل الخلية، فتؤدي إلى تحرك ناقل السكر (glut-4) في اتجاه غشاء الخلية ليساعد على دخول سكر الغلوكوز إلى داخل الخلية تمهيداً لإحراقه، ما يخفف نسبته في الدم.
وبعد تقديم أطروحته، رأت اللجنة التحكيمية في جامعة ليون أن ما توصل إليه الطالب في دراسته إنجاز علمي جديد، وأعطى المكتب الإعلامي التابع للجامعة حدرج براءة اختراع، وسُجّل في مركز تسجيل الاختراعات في الولايات المتحدة في نيسان الماضي، بمساعدة مركز البحوث اللبناني. وتحمل براءة الاختراع الرقم 12/149،128.
تلقى وسيم بعد إنجاز أطروحته عروضاً للعمل في مختبرات وجامعات أوروبية وأميركية عديدة، لكنه اختار جامعة لوزان حيث يدرس حالياً العلوم الطبيعية، وهو يتابع أبحاثه المتعلقة بمرض السكري.
يسعى الشاب في الوقت الحالي إلى تثمير اكتشافه لخلق علاجات جديدة لمرض السكري. وهو يتعاون لهذه الغاية مع جامعة بروكسل في بلجيكا وجامعة هلسنكي في السويد لإعداد أبحاث تهدف إلى خلق مضادات توقف عمل الأنجيوتنسين 4، وذلك عبر تغيير تركيبة المستقبل الخاص به على غشاء الخلايا فيصبح غير ذي فعالية رغم ثباته على المُستَقبِل. وقد دُرس حتى الآن 15 مضاداً، وجُرّب بعضها مخبرياً على الفئران البيضاء وأنواع أخرى من الحيوانات لانتقاء الأفضل بينها. وقد تلقى المُستَقبِل طلبات من العديد من شركات الأدوية لشراء المضاد الذي سينتقيه مع الجامعتين اللتين يتعاون معهما بهدف تصنيع دواء للمصابين بالسكري يكون بديلاً عن حقن الأنسولين، لما تسببه للمرضى من آثار سلبية، تتمثل بالتأثير على وظائف الكبد والبنكرياس، إضافة إلى المشكلات في ضغط الدم.
ويرى وسيم أن الشباب اللبناني قادر على الإبداع والنجاح علمياً، لكن غياب المختبرات المختصة بالأبحاث وضعف الإمكانات يقف عائقاً في طريقه.