البالانكو» و«الفرّوج» من أساليب التعذيب التي تشغل بعض المحقّقين في المخافر والمراكز العسكرية، و«الكفّ» على وجه الموقوف أمر مألوف ومتعارف عليه. غير أن القانون والدستور يريان ذلك من المحظورات. ألم يحن وقت المحاسبة؟
طرابلس ـ خالد سليمان
«لا يمكن القبول بالتعذيب مهما كان الدافع إليه، وخصوصاً خلال التوقيف الاحتياطي احتراماً لقرينة البراءة، كذلك لا يمكن القبول بالتعذيب في حال إدانة المتهم والحكم عليه ويجب حذف عبارة «الأشغال الشاقة» من التشريع اللبناني»، قال القاضي طانيوس السغبيني خلال ندوة لمناسبة اليوم العالمي للقضاء على التعذيب. نقابة المحامين في طرابلس، بالتعاون مع المركز الحقوقي لقضايا الشأن العام، نظمت الندوة التي كان من المفترض أن تنعقد في 26 حزيران الماضي، لكنها أُجّلت حتى يوم أمس بسبب الأوضاع الأمنية الصعبة.
بحضور محامين وقضاة وضباط أمنيين وممثل عن الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي، ألقى نقيب محامي طرابلس عبد الرزاق دبليز كلمة أكّد فيها أن التعذيب وإساءة المعاملة، واعتمادها وسيلة للاعتراف، يُمارسان في أكثر من نصف بلدان العالم، ومن بينها لبنان الذي وافق على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب. رئيس المركز الحقوقي لقضايا الشأن العام، المحامي جورج آصاف، قال إن من أهداف المركز مقاضاة موظفي الدولة الذين يقومون بالتعذيب أمام المحاكم وإجراء إصلاح تشريعي لمكافحته، وخصوصاً أن قانون العقوبات اللبناني لا ينص على معاقبة التعذيب. وأشار إلى أن المركز بصدد تنظيم جلسة تدريبية في مجلس النواب في تشرين الأول المقبل لصياغة مشاريع قوانين متضمنة المعايير الدولية المنصوص عليها في الاتفاقية. وذكر آصاف أن وزارة الداخلية كانت قد رفضت إعطاء الإذن بملاحقة أحد الضباط بجرم التعذيب أمام قاضي التحقيق. ورفضت كذلك شكوى قدمت من محامٍ بحق المدير العام للأمن العام بجرم احتجاز شخص وحجز حريته من دون مبرر. عضو مجلس نقابة محامي بيروت، ماجد فياض، انتقد تصرفات عناصر الضابطة العدلية الذين يمارسون أشكالاً من التعذيب على الموقوفين في السجون والمخافر لحضهم على الاعتراف بشيء ما أو إخضاعهم لنظام معيّن، على الرغم من وجود نصوص تحمي حقوقهم وتنظم أساليب المعاملة والاحتجاز والسجن.
أما القاضي السغبيني فأثار «الضمانات الإجرائية لمناهضة التعذيب» في القانون، مشيراً إلى أن هذه الضمانات والمبادئ تجسّدت في شرع دولية وعالمية استتبعتها خطوات دستورية وتشريعية، بحيث جاء الأثر متبادلاً بين ما هو دولي ومحلي وقانوني، ومن بينها الاعتراف بكرامة الإنسان ومساواته أمام القانون وحماية حقوقه في القانون والحرية الفردية والحق في الحياة والسلامة واللجوء إلى المحاكم والخضوع لمحاكمة عادلة ونزيهة تقوم بها محكمة مستقلة بصورة علنية وسريعة مع تأمين الضمانات للدفاع عن النفس.

التعذيب عبر الترحيل

القاضي المنفرد الجزائي في بيروت، زياد مكنا، أشار إلى أن ما ورد في المادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب التي تمنع أي دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعذيب. وقال مكنا إن لجوء المحاكم إلى هذه المادة لعدم الحكم بإخراج الأجنبي من لبنان إلى بلد يكون فيه معرضاً للتعذيب، لا يتعارض مع القانون اللبناني، إذ يبقى للإدارة المختصة (الأمن العام) أن تنظم وضع إقامته أو تعمل على تسفيره إلى دولة أخرى لا يكون فيها معرضاً للتعذيب.