أطلق النار على الرجل وابنتيه فقتلهم جميعاً، القاتل ليس مجرم حرب أو تاجر مخدرات أو سارق سيارات، وليست له سوابق جرمية. هو طبيب نفسي دفعته عواطفه الشخصية إلى القتل الجماعي في بلدة بترومين الشمالية
الكورة ـ عبد الكافي الصمد
انتظرها زملاؤها طويلاً، لكن المحامية شيريل غانم لم تصل إلى طرابلس أمس من بلدتها في تلال الكورة. فبينما كانت الأستاذة تغادر بترومين الساعة السابعة وأربعين دقيقة من صباح أمس، برفقة والدها المهندس الطوبوغرافي غسان عبد الله غانم وشقيقتها شانتال، اعترض سيارتهم شاب مسلّح وأطلق عليهم نيراناً أودت بهم جميعاً. وبعدما أفرغ خمس رصاصات في أجسادهم، اثنتان منها على وجه شيريل، عاد وجهّز بندقيته ليطلق منها باتجاه جثثهم أربع طلقات إضافية. الضحايا الثلاث كانوا يعرفون القاتل وربما تعرّفوا عليه أثناء الجريمة. هو الطبيب النفسي جاك حريكي، وكانت شيريل قد تقدّمت بشكوى ضدّه لدى النيابة العامة في الشمال وادّعت أنه كان يتحرّش بها. وأفاد بعض المقرّبين منها أنه كان قد هدّدها بالقتل إذا رفضت الزواج منه. أحيلت الشكوى إلى فصيلة أميون واستدعي حريكي وطلب منه التوقيع على تعهّد بعدم الاقتراب من شيريل. لكن يبدو أنه لقي صعوبة في الابتعاد عنها. وروى مقربون منه لـ«الأخبار» أن مزيجاً من الاكتئاب والحزن والغضب تمالكه ولم يستطع مداواة نفسه. وكان الطبيب الشاب، الذي يتمتّع بسمعة جيدة بين زبائنه، قد عانى من حالات اكتئاب خلال سنوات دراسته الجامعية في فرنسا. وأفاد بعض أقاربه وجيرانه من سكان البلدة، أن حريكي كان يتصرف بشكل غريب في الآونة الأخيرة، وكان سلوكه عدائياً تجاه الآخرين.
سالت الدماء على الطريق، التفت القاتل نحو سيارته وذهب إلى منزله حيث جلس على كرسيّ بلاستيكي في الحديقة، ووجّه فوهة بندقيته إلى جبينه وأطلق النار. بقي جسده جالساً إلى الكرسي وكأنه ينتظر شيئاً ما. حضرت الشرطة القضائية والدرك وعناصر من مكتب الحوادث في المباحث العلمية وفتحوا تحقيقاً بإشراف مدّعي عام الشمال القاضي إيلي حلو وقاضي التحقيق وليد شعبان اللذين عاينا لاحقاً مسرح الجريمة.
كاد هول الجريمة يحدث خضة أمنية في المنطقة التي تشهد منذ فترة توتراً بين أشخاص منتمين إلى تيارات سياسية متباعدة، إلا أن الكشف سريعاً عن وجود أبعاد شخصية وعاطفية وراء الحادث هدّأ من روع السكان، إلا أنه أحدث لديهم مخاوف من وقوع مشاكل بين عائلتي القاتل والضحايا، ما دفع عدداً من الوسطاء والفاعليات السياسية والاجتماعية إلى التحرك لتهدئة النفوس. «إن العدالة قد أخذت مجراها الطبيعي بعد انتحاره» أوضح أحد سكان البلدة.

حداد اليوم ظهراً

دان مجلس نقابة المحامين في طرابلس، في بيان أصدره إثر جلسة استثنائية عقدها أمس، اغتيال المحامية شيريل غانم ووالدها وشقيقتها، شاجباً «الجريمة النكراء». وطالب المجلس «الأجهزة الأمنية والقضائية بالتحرك السريع للوقوف على حقيقة ملابساتها واستئصال الأسباب التي قد تؤدي إلى حصول جرائم عنيفة مماثلة ترتكب ضد الإنسانية وتتعرض لحياة أناس يفترض أن يكونوا آمنين في حياتهم وديارهم». ودعا المجلس الزملاء إلى التوقف عن العمل عند الثانية عشرة ظهر اليوم حداداً على أرواح زميلتهم المحامية غانم ووالدها وشقيقتها. كما استنكر رئيس الاتحاد العربي للمساحة سركيس فدعوس الجريمة.