«حزب الله دولة ضمن الدولة»، شعارٌ رُفع في كلّ مرّة كانت تحدث فيها احتكاكات بين الشرطة من جهة وأهالي الضاحية وعناصر حماية المقاومة من الجهة المقابلة. ماذا تغيّر اليوم مع انطلاق خطة قوى الأمن في الضاحية؟
عمر نشابه
بدأت الساعة السادسة، فجر أول من أمس، الخطّة الأمنية الخاصّة بالضاحية الجنوبية لبيروت بإقامة قوى الأمن الداخلي حواجز تدقيق في هويّات المارة وفي أوراق تسجيل السيارات بحثاً عن مخالفين للقانون ومطلوبين للعدالة. وعلمت «الأخبار» أن عدد الموقوفين لدى قوى الأمن كان قد بلغ 106 خلال الساعات الأولى من تنفيذ الخطة الأمنية، معظمهم من المخالفين في قضايا بسيطة وإدارية، وبسبب تخلّفهم عن واجباتهم القانونية، وأخلي سبيلهم بعد دفعهم الرسوم الواجبة عليهم. بقي 7 أشخاص موقوفين، مشتبه فيهم بارتكاب جرائم جنائية، ويجرى حالياً التحقيق معهم بإشراف القضاء المختصّ. وعلمت «الأخبار» أن قيادات حزب الله على علم وتنسيق كاملين مع ضباط قوى الأمن وقيادتها، وأن الحزب مع توقيف كلّ مخالف للقانون أيّاً كان، ولا حماية أو حصانة لأحد في هذا الخصوص.
لم تكن قوى الأمن غائبة كلياً عن منطقة الضاحية الجنوبية خلال السنوات الماضية، غير أن عدداً من حوادث الاحتكاك بين بعض عناصرها وأبناء المنطقة وجهاز أمن وحماية المقاومة ولّد عوائق أمام تسهيل عملها، لا بل أدّت في بعض الحالات إلى تعامل قاس مع ضباط الشرطة وعناصرها.
لم يكن ممكناً معالجة هذه المشاكل دون التطرّق إلى خصوصيات الضاحية الجنوبية الأمنية التي تختلف عن أية منطقة أخرى، بحيث إن هذه البقعة الصغيرة من الأرض كانت هدف الاستخبارات الإسرائيلية والغربية لسنين، وخصوصاً بعد قضية الرهائن الفرنسيين والأميركيين خلال ثمانينيات القرن الماضي. كما تمّ اغتيال بعض المسؤولين في المقاومة، ومنهم الشهيدان علي صالح وغالب عوالي. وتعرّضت الضاحية الجنوبية لبيروت لاستهداف جوي وبحري مركّز خلال صيف 2006، سبقته مراقبة دقيقة لما اشتبه فيه أنه مراكز أو مكاتب تعود للمقاومة.

قوى الأمن في الضاحية

تتوزّع قوى الأمن الداخلي في الضاحية على الشكل الآتي: سرية درك الضاحية، وتتألّف من خمس فصائل هي: فصيلة حارة حريك وفصيلة المريجة وفصيلة بئر حسن وفصيلة الأوزاعي وفصيلة برج البراجنة. وثلاث مفارز هي: مفرزة سير الضاحية ومفرزة طوارئ ومفرزة الضاحية القضائية.

المراحل التي سبقت الخطّة

مرّت العلاقة بين قوى الأمن الداخلي وحزب الله بثلاث مراحل أساسية منذ 2005. المرحلة الأولى شهدت انطلاق الحملة الإعلامية والسياسية على سوريا الراعية لخطّ إمداد المقاومة وحلفائها بالسلاح. كما شهدت تلك المرحلة تطوير فرع المعلومات كجهاز استخباري منافس لمديرية الاستخبارات في الجيش التي كانت طوال الفترة الماضية على تنسيق كامل مع المقاومة. ورغم اللقاءات شبه الأسبوعية بين المقدم وسام الحسن ورئيس لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، بقي الحذر من فرع المعلومات وارتباطاته قائماً حتى أيار الماضي الذي سجّل بدء مرحلة جديدة في العلاقات بين قوى الأمن وحزب الله أسّست للمرحلة الحالية. مرحلة أيار التحوّلية جرى من خلالها توضيح مسائل أساسية تتعلّق بالخريطة الأمنية، وقياس حجم كلّ فريق على الأرض، ومدى استعداد القوى الخارجية للتدخل لنصرة حلفائها. ولكن لعلّ أبرز ما ثبت خلال هذه المرحلة هو وعي ضبّاط قوى الأمن ونضوجهم لجهة عدم التهوّر وإدخال المؤسسة في مسار يدمّرها كلياً، وخصوصاً بعد أن ظهر خلال المرحلة السابقة بعض علامات التفكّك في مجلس قيادتها وبين عناصرها وضباطها. المرحلة الحالية بدأت مع انطلاق عهد الرئيس ميشال سليمان وتولّي الوزير زياد بارود حقيبة الداخلية. انطلقت هذه المرحلة بهدوء، وتعزّز التواصل بين الحزب والشرطة.


زيادة الجريمة

تبيّن أن جرائم السرقة والنشل والدعارة وترويج المخدرات وتعاطيها سجّلت نسبة مرتفعة في الضاحية الجنوبية لبيروت خلال الأسابيع الماضية. وسجّلت قوى الأمن أخيراً حادثة سلب سيارة بقوة السلاح في منطقة بئر حسن وجريمة نشل حقيبة مواطنة في الشياح وأخرى في حارة حريك. كذلك حصل تضارب وإطلاق نار بين شابين في برج البراجنة بسبب موقف سيارة. وفي منطقة الرمل العالي تجمّع عدد من المواطنين لمنع دورية للشرطة من قمع مخالفة بناء