شقرا ــ داني الأمينبعد أيام من الأفراح، استبدلت بلدة «شقرا» بياض أعراسها بسواد الحداد. فطريق البرّ التي يسلكها شبابها المغترب في الخليج، قتلت وما زالت تقتل الكثير منهم، وخصوصاً في السنوات الأخيرة، أثناء مجيئهم إلى الوطن وعودتهم إلى مغترباتهم. القصة هذه المرة طالت شابين. حادث سير مؤلم ذهب ضحيته المهندس، العريس، علي عبد العزيز ويزاني (27 عاماً) وأخوه الفتى كامل (13 سنة). فبعد قضاء عطلة صيفية، اختار فيها علي عروسه، سافر الشابان براً مع أختيهما ووالدتهما إلى الكويت، حيث يعملون هناك كعشرات الأسر الأخرى من «شقرا». وعلى أوتوستراد السعودية ـــــ الكويت، فوجئ علي بسيارة معاكسة فاصطدم بها، ما أدى إلى مقتله وأخيه وجرح الأم وابنتيها بجروح بليغة.
المأساة تتكرر. وعلى الرغم من تكرارها فإن خيار الطريق البري يكاد يكون إجبارياً نظراً لرخصه. فالخليج لم يعد «منجماً» بقدر ما أصبح مجرد فرصة عمل تعوّض عن بطالة في الوطن. «يعود» علي في الأيام المقبلة إلى شقرا حيث ستستقبله عروسه لوداع أخير أصاب البلدة بحزن عميق، بعدما شهدت هذا العام صيفاً عامراً بعودة أغلب المغتربين لقضاء عطلتهم في بلدتهم، وخصوصاً أن هذا العام خلا، على غير عادة، من أي اعتداء إسرائيلي. وعلى أثر الخبر المشؤوم، ألغيت جميع الأفراح والحفلات التي كانت مقررة في البلدة وعمّت أجواء الحزن وتهافت المعزّون إلى منزل ذوي الفقيدين لتقديم التعازي. يذكر أن هذا النوع من الحوادث، يتكرر دائماً بالنسبة إلى مغتربي بلدة شقرا الكثر (نحو 200 عائلة) في الكويت وحدها، الذين يفضّل الكثير منهم الانتقال صيفاً إلى لبنان عن طريق البر، ما يسمح للأسرة كلها بالعودة بكلفة متدنية، كما يتيح للشباب العودة بسياراتهم الفخمة، وتوفير بدل استئجار سيارات للتجول داخل لبنان. ولقد فقدت شقرا نحو ثمانية من شبانها في السنوات الأخيرة بسبب هذه الحوادث، ما جعل أبناء البلدة يتريّثون كثيراً في اتخاذ قرار القيادة لعشرين ساعة على الأقل بين لبنان والكويت، رغم أنه الحلّ الأوفر. لكن ما في اليد حيلة على ما يبدو. فالعمل في الكويت لم يعد يسمح بجني الكثير من المال، كما كان في السابق، عندما سمح لعشرات الأسر من شقرا بجني ثروات طائلة، ساهمت في بناء البلدة وتزيينها بأفخم القصور.