مهى زراقطمهماً يكن الأمر، المهم بالنسبة إلى الصيادلة أنه يعيد إلى الواجهة مطلباً رئيسياً لهم عمره ست سنوات على الأقل. ففي عام 2002، عدّلت المادة 80 من قانون مزاولة مهنة الصيادلة، وسُمح للصيادلة بعدم الالتزام بسعر موحّد للدواء تحدده الوزارة. أي بات بإمكانهم التخلّي عن نسبة من أرباحهم عبر خفض الأسعار وفق ما يرونه مناسباً.
يذكر الدكتور الصيدلي علي صفا أن القصد من هذا القرار آنذاك كان خفض الفاتورة الصحية، وخصوصاً أنه تزامن مع مجموعة أخرى من قرارات كانت تصبّ في خدمة الهدف ذاته. «كان الاعتقاد آنذاك بأن فتح الباب أمام المنافسة بين الصيادلة قد يؤدي إلى خفض سعر الدواء». لكن هذا القرار لم يحقق الغاية المرجوّة منه، بل أدى إلى نتائج عكسية. يشرح صفا: «تحوّل الصيادلة إلى تجار يبحثون عن الهامش الأكبر من الربح مع الاستمرار في بيع الدواء بأقلّ سعر ممكن. وأدى ذلك إلى حصول مضاربات من جهة، ولجوء صيادلة آخرين إلى شراء أدوية بطرق غير شرعية لبيعها ضمن هامش ربح أوسع، ما أدى إلى انتشار الأدوية المهرّبة والمزوّرة».
وهذا ما يؤكده الصيدلي حلمي عمار، مشيراً إلى أن هذا القرار أضرّ بالصيدليات الصغيرة التي لا تستطيع المنافسة: «وحده من يشتري الكمية الأكبر من الدواء يستطيع خفض السعر بنسبة 15% كما يحصل الآن». ففي ظل الوضع القائم، يجد الصيادلة أنفسهم مجبرين على مجاراة الخفوضات والتحمّل فوق طاقتهم، فقد «بتنا نشتري أدوية أكثر من حاجتنا لكي نستطيع الاستمرار». ويؤكد أن الالتزام بسعر واحد هو الأفضل، وخصوصاً أن هامش الربح جيد. فقد كان قانون مزاولة المهنة يعطي الصيدلي هامش ربح 22،5%، و«هي نسبة مرضية»، بحسب عمار وصفا.
هذا ما يؤكده أيضاً نقيب الصيادلة، صالح دبيبو، لافتاً إلى أن الهدف الرئيسي للمطالبة بتعديل القانون هو «الإبقاء على مهنة الصيدلة في لبنان، بعد أن كادت تتحول إلى تجارة ومضاربات، ما ينافي آداب المهنة». برأيه «الصيدلة ليست عرضاً وطلباً، بل المطلوب من الصيدلي حثّ المريض على عدم استعمال الدواء قدر الإمكان، لكن السماح بالمنافسة غيّر هوية المهنة تماماً».
ويشير دبيبو إلى مطالب أخرى للصيادلة، منها توفير الحصانة لهم داخل عملهم بحيث لا يتعرّضون للافتراء من أي مواطن قد يتقدم بشكوى ضدهم من دون دليل. ومنها أيضاً اشتراط التعليم المستمرّ، وعدم تركه خياراً، «لأن هذه المهنة تحتاج إلى تجديد المعلومات دورياً». كما يلفت إلى أهمية تعديل المادتين 46 و47 من القانون بهدف التشجيع على استعمال أدوية «الجينيريك»، ما يوفّر الكثير من المال على المواطن والجهات الضامنة.
وفي هذا الإطار، يشرح مجدلاني أن المقصود من التعديل هو السماح للصيادلة باقتراح بيع دواء «الجينيريك» إلى المواطنين. إذ تمنع المادتان 46 و47 الصيدلي «من تلقاء نفسه أو باتفاق مع حامل الوصفة أن يغيّر من كميات المواد المذكورة فيها، أو أن يستعيض عن مادة بمادة أخرى. كما لا يجوز للطبيب أن يعيّن معملاً خاصاً إذا كان المستحضر أو المادة مدرجة في أحد أنظمة الأدوية تحت اسمها العلمي، ولا يجوز للصيدلي أن يجهّز وصفة مكتوبة بعبارات مصطلح عليها مع كاتبها». ويعطي التعديل الحق للصيدلي باقتراح دواء آخر بناءً على كتيّب تصدره وزارة الصحة يعادل بين أدوية الشركات الأصلية وأدوية «الجينيريك». ويؤكد مجدلاني أن هذا الكتيّب أنجز في الوزارة، «ولا يمانع أيّ من الأطراف السياسية إقرار التعديلات المطلوبة التي تحقق العدالة للصيادلة والمواطنين على حد سواء».