الثانية فجراً. يتكئ مجنّد من قوى الأمن الداخلي على عمود مزروع في الرصيف عند أحد تقاطعات وسط بيروت. مهمته السهر على تنظيم السير من الساعة الثامنة مساءً حتى الثالثة فجراً. يتقدّم منه شاب على دراجة نارية مدنية ويلتقط له صورة بواسطة هاتف خلوي. يرحل راكب الدراجة، ليقول الشرطي إن الدراج عنصر معلومات، وإن الصورة ستكلّفه عقوبة لأنه تعب واتكأ على العمود. في الأصل، لا يفهم الشرطي الشاب سبب بقائه على التقاطع حتى الثالثة فجراً. فالسيارات التي تمر في هذا الوقت معدودة، وبرأيه، هي لن تسبب زحمة في هذا الوقت المتأخر، «لكنها الأوامر» التي تفرض مواكبة الموسم السياحي حتى الفجر. ينهي كلامه ليسحب سيجارة ويشعلها. يخفي السيجارة في راحة كفه، فعقوبتها 8 أيام حبساً، وحسم 4 آلاف ليرة عن كل يوم. لم يكد يأتي على ذكر كلمة ليرة حتى قفزت إلى ذهنه الشكوى: دخلنا إلى السلك يوم 2/5/2008، وحتى الآن لم نتقاضَ راتباً. «عندما نراجع القلم يُقال لنا «منشوف بهاليومين». وحتى اليوم استدنت من أهلي أكثر من المبلغ الذي سأتقاضاه بدل الأشهر الثلاثة الماضية».المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي قال لـ«الأخبار» إن المجنّدين عادة ما يتقاضون رواتب الأشهر الثلاثة الأولى لهم دفعة واحدة بعد مضي أكثر من شهرين على بدء خدمتهم. وأكّد ريفي أن المديرية أنجزت المعاملات المطلوبة لدفعة مجندي أيار الماضي، لكن التأخير قد يكون في وزارة المالية ناتجاً من التغيير الحكومي. ووعد ريفي بإيلاء القضية اهتماماً خاصاً، مشيراً إلى أن هذا الأمر هو حق للمجندين وليس منة من أحد. المجنّد يبدو غير معني بالبطء البيروقراطي، ويعد «إن لم أقبض في نهاية الشهر، فسأترك عملي».
(الأخبار)