غادة نجارالكتاب: «كيف نتعامل مع الألزهايمر»
الكاتب: رياض نجيب فيكاني
إصدار: دار الساقي
الألزهايمر مرض يصيب دماغ الإنسان في مراحل متقدمة من العمر في معظم الأحيان، وقد يبدأ في مراحل مبكرة نسبياً أحياناً. وقد كان الطبيب الألماني Alois Alzheimer أول من وصّفَه عام 1906 بعدما اكتشف بعض التغيرات في الخلايا الدماغية لدى مريضة مصابة بالجنون، وتوفيت في مصحته.
منذ ذلك الحين تعلّم الأطباء الكثير عن هذا المرض الفتاك الذي يعطّل تدريجياً عمل دماغنا، ويقضي على قدراتنا من أبسطها حتى أكثرها تعقيداً، وقد ينسينا هويتنا. إن التقدم العلمي الذي أُحرز لم يتمكن من تحديد من أين يبدأ الانهيار في وظائف الخلايا الدماغية، ولكن لم يُكتشف علاج ناجع لهذا الداء المخيف. لذا يبقى التعامل مع ظواهر هذا المرض وتداعياته ومحاولة تخفيف معاناة المريض ومحيطه أقصى ما يمكن القيام به، بالإضافة طبعاً إلى استخدام بعض الأدوية التي تخفّف من عوارض المرض. من هنا تظهر أهمية الأبحاث والدراسات والكتب التي تعالج كيفية التعاطي مع مرضى الألزهايمر، وتظهر خصوصية حالاتهم، وتنوّع المراحل التي يمرون بها، والتفاصيل التي يجب الاهتمام بها خلال رعايتهم.
رياض نجيب فيكاني، المجاز في علم النفس والتربية المختصة، يقول إن كتابه ثمرة تجارب وخبرات اكتسبها على امتداد ما يقارب أربعين عاماً.
في هذا الكتاب يتطرق المؤلف بالتفصيل إلى جميع الحالات التي يعانيها مريض الألزهايمر، وتداعياتها على حياته اليومية كفرد، وعلاقاته بمحيطه، أي بالعائلة والجيران، إضافة إلى تعامله مع الأشياء المادية الملموسة. يطرح الكتاب التفاصيل اليومية التي يواجهها مريض الألزهايمر، والمشكلات المتفاقمة التي تتزايد يوماً بعد يوم مع تفاقم الحالة وأساليب التعاطي معها من جانب الأشخاص المناط بهم العناية والسهر على راحة المريض، وغذائه، وملبسه، وسلامته، سواء كان هؤلاء من أفراد العائلة أو اختصاصيين. ويلفت في هذا الكتاب طابعه العملي، وتطرقه إلى جميع النواحي الحياتية والنفسية التي يعانيها المريض وعائلته، ومن ضمنهم الأطفال، وردة فعلهم المعلنة أو الكامنة، والحلول العملانية في كيفية التعاطي مع كل معضلة.
قد نأخذ على المؤلف ربما أنه ذكر في كتابه، لا سيما في الأقسام الأولى، بعض الحلول التي يصعب تطبيقها في بلادنا، لا بل هي شبه مستحيلة التحقيق بالنسبة إلى شريحة كبيرة من المواطنين، وذلك لأسباب اقتصادية واجتماعية تطال الأفراد في بلادنا، وتحد من حركتهم وقدرتهم على ترجمة رغباتهم ونواياهم. لكننا ندرك أن الحلول الضرورية لهذه المعضلة لا يمكن أن تكون مسؤولية فرد مهما كبرت إمكاناته، بل هي من ضمن عمل المؤسسات الرسمية والخاصة التي يجب أن يسعى المعنيون بالشأن العام والصحة العامة إلى وضعها أمام حقيقة معاناة المواطن في شتى نواحي حياته، لا سيما عندما يواجه مشكلات يعجز أي فرد في العالم عن مواجهتها منفرداً.
هذا الكتاب الذي يحتوي على 36 مقالة، تطرح كل واحدة منها مشكلة أو حلاً تفصيلياً لمشكلة، يشمل جميع ما يواجهه مريض الألزهايمر ومحيطه من تحديات، يتميز بالأسلوب المختصر والواضح في طرح الأفكار. هذا الأمر يسهّل قراءته لكن تبويب المواضيع قد يجعل تقديم ملخص عن محتواه صعباً بعض الشيء. لكن نذكر على سبيل المثال، العناية التي أولاها الكاتب لكيفية التعاطي مع معنويات المريض، وعزة نفسه وهو المدرك حتى المراحل الأخيرة سوء حاله. ونلفت إلى أن هذا الكتاب يحتوي على 158 صفحة لا غير، ويمكن استخدامه قاموساً لمواجهة الحالات المستجدة لدى المريض.