خالد صاغيةهل تحبّ نساءنا حقّاً يا معالي المهرّج؟ إنّه شرفٌ كبيرٌ لِمستعمَرة صغيرة مثل بلادنا أن تحظى نساؤها بإعجابك. هل أثارتك أسئلتهنّ؟ كان عليك أن توضح لنا: ما الذي يثيرك أكثر، الأسئلة الذكيّة أم الأسئلة الغبيّة؟ أم تراها ذكورتك هي التي انتفخت حين وجدت نفسك وراء المنبر، تتوالى عليك الأسئلة من حشد مليء بالنساء اللواتي ينظرن إليك. ربّما نسيتَ أيّها الطبيب الأبيض أنّ تلك النساء الجميلات، كما سمّيتَهنّ وكما أصررت على مغازلة إحداهنّ، كنّ هناك بصفتهنّ صحافيّات، وأنّهنّ ما كنّ ليكترثن لإجاباتك لو لم تكن أنتَ هناك بصفتك وزيراً ممثّلاً لدولة، لا بصفتك فَحْلاً. لكن، يبدو أنّ هذه كلّها تفاصيل لا أهمية لها. فأنت تخاطبنا، كالعادة، بصفتك وريث المستعمِرين، وبصفتنا مستعمَرين أزليّين.
فأنتَ حتماً لا تجرؤ على التعاطي مع الإعلام بهذه الخفّة لو كنت تزور الولايات المتّحدة الأميركيّة مثلاً. هناك، ما كان وزير(ة) خارجيّة البلد المضيف ليبتسم لك لو قمت بالتهريج نفسه، ولربّما كنتَ قد ووجهتَ بحقيقة اسم ما تفضّلتَ به، أي «قلّة الأدب» الواقفة على حافّة التحرّش. ولربّما كان مفيداً تذكيرك، فيما أنت تنفش ريشك، بذاك الاتصال الغاضب من وزيرة الخارجية الأميركية الذي أنهى مهمّتك في بيروت قبل أشهر.
لكنّ لبنان الرسميّ، طبعاً، يعرف أصول الضيافة. وقد سمح لك الجميع بمغازلة الصحافيّات وبنهْر الصحافيّين الذين لم تعجبك أسئلتهم، من دون أن تنسى طبعاً ممارسة هوايتك بالكذب على الجميع. فبعكس ما ادّعيت، يا حضرة الوزير، بُذلت جهود فرنسيّة حثيثة لإقناع النظام السوري بالتدخّل والضغط على أطراف لبنانيّة للقبول بتسوية سياسيّة، ولم تكن السياسة الفرنسيّة تهدف قط إلى كفّ يد سوريا عن لبنان. لم يبدأ ذلك مع ساركوزي، اليمينيّ الذي أغراك بمنصب، بل مع جاك شيراك، صديق كلّ الديكتاتوريّين العرب، حين كانت مصلحته ومصلحة صديقه رفيق الحريري تقضي بالدفاع عن الوجود السوري في لبنان. راجع تصريحاته لدى زياراته إلى بيروت. راجع أرشيف السفارة. ولا تغضب أيّها الطبيب الأبيض. فنحن نعرف أنّه كلّما غضب واحدٌ منكم، دفع الثمن واحد منّا!.