«حُبست لمدة يومين، ولم يعطوني أي طعام أو مياه. بعدها أردت الفرار. كانت الشقة في الطابق الخامس، حاولت النزول باستخدام كابلات تجري على امتداد جدار المبنى الخارجي، فانقطع السلك، ولا أذكر ما حدث بعدها»، تقول كامالا ناغاري، عاملة نيبالية أصيبت في 20 فبراير/شباط 2008 أثناء محاولة الفرار من منزل مخدوميها.غالباً ما تصنّف تقارير الشرطة الحالات التي تسقط فيها عاملات المنازل من الشرفات انتحاراً، وأحياناً تحقق في حالات الوفاة، إلا أن مراجعة بيانات التحقيقات في ثلاثة تحقيقات منفصلة، أظهرت وجود الكثير من الثغرات والعيوب، فالشرطة لا تحقق في ما إذا كان أصحاب العمل قد أساؤوا إلى العاملة أم لا، وحين يفعلون، يقصرون دورهم على أسئلة عامة ويقبلون شهادة أصحاب العمل دون التحقق من أقوالهم ومقارنتها بشهادات الجيران أو أسرة العاملة. وفي كثير من الحالات التي تنجو فيها العاملات من السقوط، فإن الشرطة تقابلهن دون حضور مترجم، وكثيراً ما تُتجاهل الدوافع التي قادتهن إلى الفرار.
يشير تقرير هيومن رايتس واتش إلى أنه منذ كانون الثاني 2007، لاقت 95 عاملة منزل على الأقل حتفها في لبنان. ومن بين الوفيات الـ95 صنّفت سفارات العاملات الوافدات 40 حالة منهن على أنها انتحار، فيما صُنّفت 24 حالة أخرى على أن سببها هو سقوط العاملات من مبان مرتفعة أثناء محاولة الفرار. وبالمقابل، فإن 14 عاملة منزل فقط توفيت بسبب أمراض أو لأسباب صحية.
وقد لفتت المنظمة إلى أن المعدل المرتفع من الوفيات في صفوف عاملات المنازل، يُظهر الحاجة الماسة لتحسين أوضاع عملهن، داعية اللجنة المكلفة بتحسين أوضاع عاملات المنازل المهاجرات في لبنان إلى التحقيق في الأسباب وراء هذه الوفيات، للخروج بخطة فعالة للتقليل منها.
وطالب الباحث الرئيسي عن لبنان في هيومن رايتس ووتش نديم حوري، السلطات اللبنانية بالتفتيش عن السبب الذي يدفع العاملات لقتل أنفسهن والمخاطرة بحياتهن في محاولة للفرار من مبان مرتفعة، لافتاً إلى أنه، «تموت عاملات المنازل في لبنان بمعدل أكثر من عاملة أسبوعياً». وأضاف حوري: «حالات الانتحار مرتبطة بالعزلة وصعوبة أوضاع العمل التي تواجه العاملات، لذا على السلطات اللبنانية أن تكفل لهن الحق في حرية التنقل، والعمل في ظروف ملائمة، والاتصال بأصدقائهن وأسرهن، ودخلاً يؤمن لهن حاجاتهن الأساسية».
وختم حوري: «حين يحبس أصحاب العمل أحداً في منزلهم، فإنهم بذلك يرتكبون جريمة، وعلى الشرطة أن تتعامل مع الوضع من هذا المنطلق