في وقت تشهد فيه الحركة النقابية انحداراً ملحوظاً، افتتحت أمس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي دورة «بناء كادر نقابي»، بإشراف مدربين من نقابة التعليم التابعة للاتحاد الوطني للنقابات المستقلة في فرنسا. تموّل الدورة «الدولية للتربية» بعد مراعاة خصوصية الأستاذ اللبناني
فاتن الحاج
في الطبقة الأولى من فندق لو كريون برمانا، يقف المدرّب الفرنسي ألان سلفادور أمام 25 أستاذاً ثانوياً ليعلن أنّ التواصل والتفاوض مع السلطة ركنان أساسيان في تطوير العمل النقابي والحوار الاجتماعي. تتحفظ بعض الأصوات في القاعة فتدافع عن أشكال التحرك الديموقراطي سبيلاً لنيل الحقوق. يستند هؤلاء إلى أنّ تاريخ رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي في لبنان يثبت أنْ لا مطلب تحقّق للأساتذة إلّا بالإضراب والتظاهر ومقاطعة التصحيح، مهما اختلفت توجهات الحكومات المتعاقبة.
لم يمر وقت طويل قبل أن تكسر جلسة التعارف الناشط الأولى الحاجز مع المدربين سلفادور وكريستين دوبي والزملاء. «شريكي في التعارف، يقول الأستاذ في ثانوية الغبيري الثالثة للبنات يوسف كنعان كانّ من الجبل، والمميز أنّه يكره الاستزلام والعصبية لشخص، ثم إنّ أسلوب التخاطب الذي اتبعه المدربون جعلنا نقترب من الوصول إلى العمل النقابي الذي هو بالأساس التزام شخصي بمتابعة قضية التعليم الرسمي».
كما أنّ «المحاورين مرنون وأنسونا أنهم منشطون»، تقول مندوبة ثانوية سابا زريق في الشمال ملوك محرز التي تنتظر أن تتعلم المطالبة بالحقوق بعيداً من التسييس. تتوقع محرز أن «نكوّن نواة نقابيين نستفيد من خبرات الذين سبقونا».
الواقع أنّ الرابطة تتطلّع إلى تأسيس شبكة نقابيين قوامها أساتذة متطوّعون يواصلون مسيرتها في حماية التعليم الرسمي والوقوف في وجه المشاريع التي تستهدف تقويض الحركة النقابية. هذا التوجه يستوجب، كما يقول أمين سر الرابطة، النقابي فؤاد عبد الساتر، الانفتاح على التجارب والخبرات الأميركية والأوروبية، لكن «وفق المبادئ التي نؤمن بها والطموحات التي ما زلنا نحلم بتحقيقها». هنا يسارع عبد الساتر إلى التأكيد أنّ اتفاقاً مسبّقاً جرى مع ممولي دورة «بناء كادر نقابي»، «الدولية للتربية»، على برنامج الدورة التدريبية الذي يراعي خصوصية الواقع اللبناني.
كان هدفنا، يقول عضو الرابطة، ميشال الدويهي، كودرة الأساتذة المختلفين وتغليب العمل النقابي والمهني على الانتماء السياسي والمذهبي، أو على الأقل تسخير الانتماءين لمصلحة الأول.
من جهتها، تسجّل مسؤولة التدريب والتطوير المهني بهية البعلبكي المحطات النقابية والإنجازات التي حققتها الرابطة، فتلحظ أنّ تعاطي السلطة «لم يختلف تجاه مطالبنا التي كنا ولا نزال ننتزعها بالتحرّكات التصعيدية». تتحدث البعلبكي عن الدور الذي أدته الرابطة منذ نشوئها، وفي أحلك الظروف «كان الأساتذة يقطعون المعابر وخطوط التماس ليحافظوا على نضالهم الموحد». تستغرب «كيف يسلطون علينا سيف القانون ويسلبون منا حق التنظيم النقابي والحريات الأساسية». في حفل افتتاح الدورة التدريبية، رأى ممثل وزيرة التربية والتعليم العالي المدير العام للتربية فادي يرق أنّ اهتمام الرابطة بالإعداد النوعي والتعاون مع مؤسسات دولية متخصصة يسهم في تحقيق أهداف الوزارة التي تعمل على توفير الاستقرار النفسي والمادي للأسرة التربوية المتمثلة بالهيئات التعليمية والإدارية والطلاب.
بدوره، أكد رئيس رابطة المعلمين في التعليم الأساسي في جبل لبنان كامل شيا باسم هيئة التنسيق النقابية أهمية دور الحركة النقابية في تعزيز التعليم الرسمي وعدم رهن قرارها لفريق سياسي وحفاظها على استقلالية عملها وتحركها صوناً للحقوق والمكتسبات. يذكر أنّ الدورة تستمر حتى مساء غد السبت حيث يجري توزيع شهادات على المتدربين.


محاور التدريب

يتدرب الأساتذة الثانويّون المشاركون في دورة تطوير العمل النقابي على مدى ثلاثة أيام كيف يكونون نقابيين فاعلين، فيطّلعون على طرق التواصل في ما بينهم من جهة، ومع مؤسسات أخرى من جهة ثانية، بما في ذلك السلطات الحاكمة. يتعرف الأساتذة إلى ماهية التواصل الشفهي وأنواعه وتدوين رؤوس الأقلام وكتابة التقرير ومحضر الاجتماع والتعميم والبيان وخلاصة التوصيات والمقررات. يكتشفون أساليب التفاوض ومبادئه ومناهجه وتقنياته. ثم يحضرون أداء الأدوار ويناقشونها ويتعلمون إدارة الاجتماعات الفعالة ما قبلها، أثناءها، وما بعدها، ليصلوا إلى إجراء مقابلة ناجحة. يذكر أنّها الدورة التدريبية الثانية ضمن خطة كودرة الأساتذة لتبقى رابطتهم عصيّة على الانقسام.