اشتكت أخيراً بعض القرى الساحلية اللبنانية المشهورة بإنتاج الحمضيات من ارتفاع سعر كيلو الحامض خلال فصل الصيف، فالقرويون لن يدفعوا 3000 ليرة ثمناً له. يكمن السّبب الرئيسي والبديهي وراء هذا الارتفاع في موسمية الحمضيات. فالحامض يكون متوافراً بشدة خلال فصل الشتاء حيث ينخفض ثمن الكيلو منه ليصل إلى 1000 ليرة تقريباً، أما خلال الصيف، فهناك طريقة يعتمدها بعض أصحاب البساتين تتيح لشجرهم الإزهار وتتيح لهم بيع المحصول بأسعار مضاعفة: «التعطيش». فالحامض المطروح في الأسواق اللبنانية خلال فصل الصيف ليس من ذلك المحفوظ في البرادات، إنما هو حامض «رجعي»، أي إنه قد أزهر خلال الصيف بسبب تعطيش الشجرة منذ الصيف الأسبق. فحين تشح المياه عن الشجرة، تحمل القليل من الحامض خلال الشتاء، إلى أن تشعر بتدفق المياه مجدداً في الصيف، فتزهر بكثافة، خارج موسمها، ويتحكم أصحابها بالسوق فيبيعون منتَجهم بأسعار مضاعفة.يعمد الكثيرون من أهالي القرى إلى تربية الشجر في حدائقهم، لتجنب تحكم السوق بهم، فيستخدمون الحامض طوال العام. وشجرة الحامض هي شجرة دخيلة لم يزدهر إنتاجها في لبنان قبل الأربعينيات من القرن الماضي، أدخلها إلى لبنان العمال الجنوبيون الذين كانوا يعملون في بساتين فلسطين. قبلها، كانوا يستخدمون السماق ورب الرمان لإضفاء نكهة الحامض على طبخهم.