عمر نشّابة35 جريمة كبرى منذ محاولة اغتيال النائب والوزير مروان حمادة في الأول من تشرين الأول 2004، من بينها انفجارات إرهابية ورمي قنابل على مراكز عسكرية وأمنية واغتيالات طالت إعلاميين وسياسيين وعسكريين، لم يتمكّن بعدها التحقيق اللبناني من جمع المعلومات الكافية للقضاء كي يكشف الحقيقة ويحاكم المرتكبين. الجريمة الـ35 وقعت في طرابلس وراح ضحيتها 15 شخصاً، من بينهم 10 عسكريين. حضر إلى مكان الجريمة أكثر من خمسة أجهزة أمنية تعمل تحت إشراف القضاء المختصّ. بدا كلّ جهاز يعمل دون تنسيق مع الأجهزة الأخرى. وميّزت المكان فوضى لم تكن مستغربة، إذ لم يتغيّر شيء في الأداء الضعيف لسلطات التحقيق العسكرية والأمنية. كما بدا أنّ الخلل ما زال يسيطر على التحقيق ويعطّل نتائجه.
بعد سرد متكرّر للعيوب التقنية والنقص في التجهيزات والخبرة العلمية، لا بدّ من دراسة العقبات السياسية التي تعترض تطوّر التحقيق اللبناني في الجرائم الكبرى. النقاط الأساسية التي يفترض أن تشملها هذه الدراسة هي:
1- مراعاة القيادات الأمنية والعسكرية والقضائية للتوازنات الطائفية والمذهبية وتقديمها على معيار الكفاءة العلمية والتقنية، ما يؤدي إلى استبعاد ضباط متخصصين عن فريق التحقيق وضمّ آخرين حرصاً على «العيش المشترك».
2- أزمة الثقة بين الأجهزة الأمنية والقضائية، ما يؤدي إلى إخفاء معلومات أو إعطاء معلومات ناقصة لأسباب وحسابات سياسية داخلية.
3- أزمة تصنيف القضاة والضباط بحسب التيار السياسي والطائفي والمذهبي ومشكلة الارتباطات الخارجية لقوى سياسية لديها نفوذ قوي داخل الأجهزة الأمنية وفي الجسم القضائي.
4- اعتراض قوى سياسية على تشكيل فريق مؤلّف من خبراء أمنيين من مختلف الأجهزة يخضع مباشرة للقضاء المختصّ ويقوم وحده بالتحقيق في الجرائم الكبرى دون السماح لأية جهة سياسية أو أمنية أو عسكرية، مهما بلغ شأنها، بالتدخّل أو حتى الاطّلاع على أعمال التحقيق.
5- الحذر الشديد الذي تتميّز به تصرّفات النيابة العامة، وخصوصاً في ظلّ مناخ سياسي داخلي متوتر. فالقيّمون عليها كما القضاة الآخرون يعلمون جيداً أن القضاء في لبنان لا يمكن اعتباره مستقلاً استقلالاً كاملاً، ولا حتى هيكلياً.