بعد أكثر من 7 سنوات على الدعوة لبناء مجمع جامعي للجامعة اللبنانية، باشرت شركة لاسيكو هذا الصيف بما اصطلح على تسميته الحفرية الأولى
طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
وُضع مشروع تشييد البناء الجامعي الموحّد في طرابلس والشمال، أخيراً، على سكة التنفيذ. فقد أقرّ مجلس النواب في جلسته الأخيرة القانون المتعلق بتمويل وتنفيذ أعمال وتجهيزات كليّتي الهندسة والعمارة والفنون ــــ الفرع الثالث في الجامعة اللبنانية بقيمة 42 مليون دولار أميركي.
وفي هذا الإطار، يكشف رئيس لجنة متابعة المشروع، الدكتور مصطفى الحلوة، عن أنّ مجلس الإنماء والإعمار طلب ملفات المشروع كاملة لدراستها. ويشير إلى «أننا لمسنا توجّهاً لتلزيم المشروع بكامله دفعة واحدة لا بالتقسيط، وسط إشارات أوحت أنّ الأموال التي يحتاج إليها المشروع، أي 150 مليون دولار تقريباً، موفّرة بشكل أو بآخر، ولا مشكلة على هذا الصعيد». ويؤكد الحلوة «أنّ إنهاء المرحلة الأولى من المشروع يتطلب نحو 4 سنوات تقريباً، إذا لم تطرأ تطورات تعوق العمل».
وكانت الحالة المزرية لمعظم أبنية كليات الجامعة اللبنانية في الشمال قد دفعت مؤسسة الصفدي إلى تنظيم ورشة عمل في عام 2001، انبثقت عنها لجنة متابعة اقترحت، بعد دراسة أكثر من موقع، شراء قطعة أرض في منطقة مون ميشال، عند مدخل طرابلس الجنوبي، لبناء المجمع الجامعي عليها. وقد نال الموقع آنذاك موافقة الحكومة ودعم معظم القوى السياسية في الشمال، وهم الذين نادراً ما اتفقوا على رأي واحد في شأن أي مشروع يخصّ الشمال وعاصمته.
يشرح الحلوة واقع الكليات فيقول: «أجرينا دراسات مسحية موثّقة وموضوعية للفروع الثالثة في الشمال، فتبيّن أنها تعاني أزمة بنيوية كبيرة، وتشوبها تشوّهات تحدّ من قدراتها وأدائها الأكاديمي. لا تتوافر في هذه الفروع التي تضم 13 ألف طالب وطالبة الشروط المطلوبة لمسلتزمات الدراسة الأكاديمية والبحثية. فالطلاب لا يعيشون حياة جامعية في حدودها الدنيا، لكون الكليات متناثرة في أماكن متباعدة في طرابلس، وتشهد اكتظاظاً طلابياً يشارف حد الانفجار. أما القاعات، فمتهدمة أو على وشك التهدّم، ترشح ماءً ويتفتت باطونها المسلّح، فيما التجهيزات تكاد تكون بائسة».
لمّا كانت المعالجة الجزئية أو الترقيعية لأوضاع هذه الفروع مستحيلة، فإن البديل كان إيجاد بناء جامعي حديث ومتكامل. من هنا كان السير في اقتراح البناء الجامعي الموحد، الذي لقي في البداية استغراب البعض الذي رأى «أننا نعيش أحلاماً وردية خارج الزمن اللبناني المعروف».
لكن هذا المشروع بدأ يتحول إلى حقيقة ملموسة عندما وُضع الحجر الأساس عام 2003، وأبرمت الحكومة عن طريق مجلس الإنماء والإعمار اتفاقية مع البنك الإسلامي للتنمية في الكويت في 30 أيار 2006، لبناء كليتي الهندسة والعمارة والفنون وتجهيزهما، مع توفير الأثاث والتجهيزات والأعمال الخارجية التي تشمل الطرق والساحات والجوار الخارجي والخدمات الاستشارية الهندسية وأعمال التدقيق والمراجعات المالية، على أن يتولّى إنجاز بناء باقي الكليات (الآداب والعلوم الإنسانية، العلوم، الحقوق والعلوم السياسية والإدارية، العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال، الصحة العامة، معهد العلوم الاجتماعية، إضافة إلى استحداث فرع لكلية السياحة والفنادق ومعهد التكنولوجيا، ليستقر المجمع في النهاية على احتوائه، بعد إنجازه، 10 كليات ومعاهد).
ومع أنّه كان مقرراً بدء العمل في أعمال البناء صيف عام 2006، إلّا أن العدوان الإسرائيلي في ذلك الحين أرجأ الانطلاقة، وقد تكرر الأمر العام الماضي إثر أحداث مخيم نهر البارد بسبب تأخر الجيش اللبناني في إخلاء مركزه في المون ميشال لأسباب أمنية، إلى أن شرعت الشركة المتعهدة (لاسيكو لصاحبها نقيب المهندسين بلال العلايلي) في استقدام معداتها إلى الموقع مطلع هذا الصيف، وباشرت ما يصطلح على تسميته الحفرية الأولى.