في منطقة تقع على الحدود بين «الاتحاد الأوروبي والدول التي كانت تكوّن الاتحاد السوفياتي» ثمة «بلد» سياحي قرأ عنه كثيرون، إنه «مولفانيا» الذي يتمتع بطقس حاد، شتاء قارس وصيف خانق، ورطوبة عالية في الربيع. يسكنه شعب يعيش حياة بدائية، لغته غير مفهومة وعاداته غريبة بالنسبة إلى محيطه الأوروبيّ. في مولفانيا الأكل ليس لذيذاً، ولا سهل المنال، الفنادق ليست مريحة، ومن الممكن أن يتعرّض السائح لأي حادث يمثّل خطراً كبيراً على حياته. المواصفات المذكورة لا تغري السيّاح عادةً، ولكن رغم ذلك فإن 500 ألف إنسان في عالمنا أبدوا إعجاباً كبيراً بمولفانيا، فهذا البلد لا يقع إلّا في خارطة خيالية، أي في كتاب وضعه ثلاثة أوستراليين سانتو سيلورو وتوم غليسنر وروب سيتش، وقد بيعت منه مئات آلاف النسخ، وتُرجم إلى عدة لغات.
لن يجد القارئ في هذا الكتاب سوى عبارات وتوصيفات تناقض ما يبحث عنه السائح، إنه دليل كاريكاتوري للأخطار والمتاعب التي يمكن أن يواجهها المرء عندما يرغب في أن يعيش مغامرة غير محسوبة العواقب.
الراحة والأمان والترفيه عبارات لا مكان لها على صفحات هذا الكتاب المشوّق والمضحك في آن واحد، بل إنه يحوي كل الكليشيهات السيئة عن الدول التي كانت تكوّن الاتحاد السوفياتي. المافيا حاضرة بقوة، ومراكز الأسلحة النووية مجاورة للمدن والقرى حيث يتنقّل السكان في عربات تجرها أحصنة، إذ لا وجود للسيارات في هذه البلاد المتخيّلة، حيث يكثر السكارى، ولا تخرج النساء من البيوت ليلاً مخافة أن يقعن ضحية للص أو مغتصب.
يقع الكتاب في 176 صفحة، وهو مليء بالنّكات والتخيلات (الهذيانية) عن الخريطة الجغرافية للبلاد، عن تاريخها، والمعلومات العملية عن فنادق مفترضة، ومطاعم ومراكز سياحية وأثرية «في بلد تحكمه العصابات ولن يعرف يوماً أي نمو اقتصادي».
بعد مولفانيا، سينتشر الكتاب الثاني للكتّاب الأوستراليين، إنه «سان سومبريرو» بلد متخيل في أميركا الشمالية تتحكم عصابات التهريب في حدوده الدولية وتهدده البراكين... فانتظروه ، إقرأوه ربما تتغير بعض أفكاركم «التقليدية» عن السياحة الجميلة.