محمد محسنتضج برج البراجنة بأصوات السيارات والباعة المتجولين، وفي ركن من الشارع الرئيسي تلتقي مجموعة من كبار السن، يجلسون يومياً في مقهى «يعقوب الخليل». ومن يزُر المكان يشعر بأن نمط الحياة فيه ينتمي إلى زمن آخر، يحس به بفضل الكراسي الخشبية القديمة والطاولات الملوّنة بالأزرق ورائحة التنباك العجمي التي تفوح في المكان. تلفت النظر الألواح الخشبية القديمة التي يسجل عليها الزبائن نتائج «برتيات الليخة والأربعتعش والبندورة»، أما الأربعمية فممنوعة لأنها «تسبب مشاكل». لا تعكس الأجواء حالة هدوء من المفترض أن يتمتع بها كبير السن، بل كثيرة هي المشاكل التي غالباً ما تنحصر في حدود الكلام، والتي تقع على خلفية لعبة ورق شدّة أو طاولة زهر «منعت منذ فترة بقرار من صاحب المقهى». يعقوب الخليل، صاحب المقهى، رجل في العقد السابع، يجلس وراء طاولة ليعطي «التوجيهات» ومنشفة صغيرة على رقبته لا تفارقه أينما ذهب. العمال يطيعونه بسرعة فلا «مجال للبطء، لأن الزبون الختيار خلقه ضيّق». المقهى تأسس عام 1989 وما زال على حاله.
معظم الزبائن تتخطى أعمارهم الخمسين عاماً، وحدها طاولة للعب القمار في الزاوية تجمع لاعبين من مختلف الأعمار.
تحولت العلاقة بين صاحب المقهى وزبائنه إلى صداقات متنوعة، تظهر من خلال طريقة المخاطبة، لكل زبون كرسي خاص ونارجيلته مع التنباك الذي يفضله. الزبائن معروفون، تستهويهم الأسعار الرمزية، فـ«البرتية» «ينزل» معها على الطاولة «أربعة قهوة أو شاي» بألفي ليرة. قبل الظهر وبعد العصر، فترتان يغص خلالهما المقهى برواده، وعند الثامنة والنصف ينصرفون «كلّهم يذهبون للنوم قبل أن تبدأ السهرات في مقاهٍ أخرى».