فاتن الحاجإشارات تفصّلها الدراسة وتتوقف طويلاً عند التصوّرات والمعتقدات للأدوار الجندرية. فتشرح شعراني «أنّ دراستنا لا ترصد صورة المرأة كما جرى في الدراسات السابقة، إنما تقاربها مع صورة الرجل لأنّ أية دراسة لصورة المرأة في الكتب المدرسية تبقى ناقصة إذا لم تقارن بصورة الرجل».
وقد بيّنت نتائج الدراسة أنّ الصور النمطية للذكور (السياسي والقائد وصاحب العمالة الماهرة...) والإناث (الأم الحنونة والزوجة المطيعة والجدة...) لا تزال موجودة في كتب المرحلة المتوسطة لأنّها لا تزال سائدة في المجتمع اللبناني. لكنّ شعراني تسجّل اختراق المرأة في كتب المرحلة المتوسطة لبعض المهن، إذ ظهرت كقاضية وصحافية وطبيبة ومخترعة وكاتبة ومخرجة وممثلة ونائبة...، إضافةً إلى أدوارها كممرضة وسكرتيرة وفلاحة ومعلمة. وهنا تدعو شعراني إلى إعادة التوجيه التربوي للمناهج، وتطالب بإصلاح ثقافي وتشريعي يأخذ بعين الاعتبار التطورات المعاصرة، ومنها النضج العقلي والمعرفي المبكر للطلاب والطالبات الذي يؤهّلهم لأدوار ومشاركة أكبر في تلك المهن.
أما اللغة المستخدمة في الكتب فلا تزال غير متوازنة من الناحية الجندرية. «فالحوارات الموجّهة إلى الذكور أعلى نسبة من تلك الموجهة إلى الإناث، وكأنّ تاء التأنيث ألغيت من قاموس المفردات والكلمات والجمل والأسئلة والتمارين»، تقول شعراني. وتخلص إلى أنّ المحاولات الجادة من واضعي المناهج ومؤلفي الكتب لم تؤدِّ إلى تغييرات جذرية في الصور والرسائل في كتب القراءة والتربية المدنية، فقد ظلت الصور امتداداً لكل الصور التي جرى تشكيلها في المراحل الابتدائية، حيث لا تزال قضايا الوطن والمواطنية في كتاب التربية المدنية قضايا ذكورية، والنساء لا يظهرن في الاعتصامات وحركات الاحتجاج وأشكال التعبير المختلفة.
من جهتها، توضح شرف الدين أنّ الوصول إلى كتب خالية من التمييز على أساس النوع الاجتماعي يتطلب إدراج الحاجات الجندرية لتلامذة المرحلة المتوسطة لجنة تحديث وتقويم المناهج ورصد بدايات التمييز بين الفتى والفتاة في الأسرة والمدرسة والمجتمع، إضافة إلى تضمين المناهج الصحة الإنجابية والتربية الجنسية للحصول على المعلومات العملية الصحيحة.
وتؤكد أهمية تأهيل المدرّسين والمدرّسات وتأهيلهم على إدماج التوعية الصحية الوقائية والتوعية النفسية بأفضل الطرق والأساليب لسلوك قنوات آمنة، فضلاً عن تدريب الطلاب والطالبات على إمكان المشاركة في إدارة الشأن العام، وتضمين هذه النصوص في الكتب المدرسية. كذلك ينبغي، بحسب الدراسة، التمييز بين أحكام الدين والعادات والتقاليد الاجتماعية والعقائد السياسية والايديولوجية، واستخدام اللغة المتوازنة في الكتب المدرسية بين الجنسين حتى تشعر الفتيات بقيمتهن كشخصيات لها ذاتيتها.
وكانت اللجنة الأهلية قد أطلقت أمس من نقابة الصحافة الدراسة التي نفذتها بدعم من الاتحاد الأوروبي وإشراف مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية. وحضرت اللقاء رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء ليلى فياض ممثلة وزير التربية ومنسقة برنامج أفكار في وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية يمنى الشكر غريب، ممثلة الوزير.