عبد الفتاح خطاب يمارس معظم السياسيين أقصى درجات الرياء والنفاق في ما يتعلق بادعائهم الاعتزاز والتقدير للقوى المولجة حفظ النظام والأمن وحماية لبنان وسلامته، من جيش وقوى أمن داخلي وإطفاء ودفاع مدني. وللتذكير، كان الجيش قد توجّه إلى الجنوب لتنفيذ القرار 1701 بمؤازرة القوات الدولية، وخاض معركة نهر البارد ببسالة وضمن إمكانات ضئيلة، ونشر قوات حول المخيمات والقواعد العسكرية الفلسطينية، وأخرى على الحدود البرية لمنع التسلل وتهريب السلاح، وأخيراً تضاعفت أعباء المهمات الموكلة إلى القوى الأمنية، وخاصة على الصعيد الداخلي، بسبب صراع قوى الموالاة والمعارضة التي وصلت في تماديها إلى مرحلة استخدام السلاح وحروب الشوارع والمناطق. وأصبح يُخشى أن تتعاظم المسؤوليات والمهمات والطلبات على هذه القوى الأمنية، دون أن تمكّنها إمكاناتها وطاقاتها الحالية من القيام بها.
في المقابل، فقد اختطّت الدولة، على مرّ العهود، سياسات لحرمان القوى الأمنية من التأهيل اللازم. وواضح للعيان أن معظم السياسيين على اختلاف توجهاتهم لم يدعموا القوى الأمنية في أية مرحلة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يبذلوا أي جهد يذكر لتسليح الجيش وتجهيزه وإمداده بالمعدات والمستلزمات الأساسية (ولو على صعيد معدات أو طائرات إطفاء الحرائق!)، وعملوا على إلغاء التجنيد الإجباري من دون إمكان تجنيد العناصر البديلة المطلوبة لتأدية المهمات المتعددة، ولم يوفروا التجهيزات والمعدات والأبنية والاحتياجات اللوجستية والمالية الأساسية. ويتجلى التقصير الفادح بأقصى مظاهره حين يتعلق بالطبابة والاستشفاء لأفراد القوى الأمنية وعائلاتهم، حيث تتهرب المستشفيات والمراكز الصحية من التعامل مع المرضى والمصابين من هذه القوى، لأن الوزارات المعنية (الدفاع والداخلية والمالية) لا تدفع المستحقات المتوجبة عليها. بالله عليكم كيف يحميني أو يفتديني مَن لا يشعر بالأمان والاستقرار في صحته وصحة عائلته؟ نذكّر السياسيين بقول محمد رسول الله «إن من شرّ الناس عند الله يوم القيامة ذا الوجهين».