ليال حدادالآن سأبدأ من جديد. سأعيد القصة من تفاصيلها الأولى وصولاً إلى اليوم. كان الطقس حارّاً، وكنتَ «مفجوعاً» بخروج منتخب البرازيل من نهائيات كأس العالم. جلسنا على سطح المبنى، ننظر إلى بيروت، ونتذكّر السنوات السابقة حين كان الحي الذي نسكنه «كاشفاً» على الجبل والبحر. كذلك تذكرنا أيام طفولتنا. ضحكنا كثيراً على الذكريات، منها تلك التي كانت تخجلك، ومنها لحظات الفخر حين كنت تدافع عنّي أمام أولاد الجيران.
الآن دعنا من الجيران، ولنعد إلى السطح. نظرتَ إليّ يومها نظرة «الصداقة الأبدية» التي كنا نتبادلها حين نخبر بعضنا أسراراً خطيرة، «أنا gay». ابتسمت ونظرت إلى الجهة المقابلة. «إيه وشو كمان؟» انتظرت إكمال القصة. ولكن لم تزِد شيئاً، اكتفيتَ بهذه العبارة.
سأكون صريحة اليوم، الصورة الأولى التي أتت على رأسي حين أخبرتني كانت تخيّلك تمارس الجنس مع شاب آخر. ستضحك حين تقرأ ما أكتب، ستقول «العمى شو منحرفة».
دقائق وتخطيتُ الشعور بالصدمة، إلى شعور آخر بالبهجة: أصبح لديّ صديق مثليّ، أنا المناضلة لوقف التمييز ضد هؤلاء. أصبح لنضالي معنى فعلي وليس مجرد نظريات.
ذكّرتني بمواقف عدة، أكدت لك ميولك الجنسية. «كنا نلعب بالباربي، كنت أحبّ أن أستعير فناجينك البلاستيكية وأدوات المطبخ الحمراء». تذكّرت، أجبتكَ بأن هذه الاهتمامات لا تحدّد طبيعتَكَ. أكملتَ الكلام «لدي حبيب، وأنا مرتاح معه. أتذكرين يوم كنت أخرج مع فلانة، كنت أحس ببرود جنسي وعاطفي، اليوم تغيّر الوضع».
حسناً فهمتك. سنتان مرّتا أصبحتَ خلالها مستشاري لشؤون الموضة والشعر. ولكن حتى الساعة لا أزال أجهل سبب خجلك. تخفي الأمر عن كل عالمك. تعيش حياة في البيت، وأخرى مع حبيبك. ماذا؟ تخاف رفض الآخرين لك؟ تخشى أن تعيش على هامش المجتمع، أنت الذي يهتم «بالقيل والقال»؟
فلننسَ الخجل والخوف، أنت هنا اليوم، موجود في حياة عائلتك ورفاقك. إن لم تعلن هويتك الجنسية اليوم، ستعلنها غداً أو بعد غد. فاسترح الآن وانسَ المجتمع.