خالد صاغيةمَن تابع التطوّرات السياسيّة اللبنانيّة منذ انتهاء حرب تمّوز حتّى الأسبوع الماضي، لا بدّ أنّ شوقاً كبيراً انتابه لرؤية حكومة الوحدة الوطنيّة، تلك الحكومة التي جرى الاعتصام من أجلها في الساحات شهوراً طوالاً، ونُظِّمت لها الأغاني والأناشيد، وعُقدت من أجلها مؤتمرات واجتماعات شارك في حضورها ممثّلون عن دول العالم كلّه. نحن حتماً بانتظار الصورة التذكاريّة. لكن، حتّى قبل النظر إلى تلك الصورة، بإمكاننا أن نقول مبروك.
مبروك لحزب اللّه استخدام سلاحه في الداخل للوصول إلى تأليف حكومة يرأسها من استغلّ العدوان الإسرائيلي على لبنان كي يعمل على نزع سلاح المقاومة. مبروك لرئيس الحكومة الذي تمكّن من فرض عدد من سنافره وزراء، مثبّتاً يوماً بعد يوم أهميّته الاستراتيجيّة من أجل نشر الاعتدال العربي.
مبروك للوزراء الذين أبدوا نجاحاً منقطع النظير في وزاراتهم، فعادوا إليها نفسها، من دون أن يرفّ لأحد جفن.
مبروك لوليد بك جنبلاط الذي اكتشف على أبواب الانتخابات النيابيّة أنّ القوّات اللبنانيّة تحاول أن تأخذ حجماً أكبر من حجمها، وذلك بعد مشاركته الشخصية، طيلة ثلاث سنوات، في نفخ ذلك الحجم. ومبروك للقوّات اللبنانيّة وزارة العدل التي تليق بتاريخها.
مبروك لرئيس الجمهوريّة اختياره إلياس المرّ وزيراً للدفاع بعد إدارته السياسية الناجحة لمعارك نهر البارد. مبروك للّبنانيين جميعاً وزارة المال التي تنتقل من يد اليمين إلى يد أقصى اليمين، وكلتاهما تحت عباءة «رجل الدولة»، صاحب مآثر الدَين والضرائب. مبروك إهداء وزارة الزراعة إلى أبناء الإقطاعيّين.
مبروك علي قانصو. لكن، ألم تكن من الأجدى إعادته إلى وزارة العمل ليستكمل عمله في تفكيك ما بقي من نقابات؟ مبروك الوزارة لبنك عودة. مبروك الوزارة لأنصار «التنوير» الشيعي. لقد أعمانا النور فعلاً. أطفئوا الأضواء قليلاً حتّى نتمكّن من النوم!