إيلي شلهوبدخل نيكولا ساركوزي التاريخ العربي، وإن من باب تفتيته. حقق حلمه الانتخابي بإطلاق «الاتحاد من أجل المتوسط»، رغم تحفظات البعض عليه. جمع إيهود أولمرت بأصحاب الجلالة والفخامة العرب... لتنظيف مياه البحر! واقعة ما كان لها أي معنى لولا قبول رجل واحد بالمشاركة: الرئيس السوري بشار الأسد، الذي كان نجم الحدث. نجومية صنعها على مدى ثلاثة أعوام من العزلة، فشل فارضوها في تحقيق الغاية منها، فكانت عبارته الرنانة «لا تسوية بلا سوريا».
حضور لا بد أنه تم في إطار صفقة كبرى كُتبت بلغات متعددة: فرنسية وألمانية وعبرية وفارسية... بانتظار ترجمتها إلى الإنكليزية. قايضت الحضور، و«التعاون» الذي سبقه في ملفات متعددة، وفي مقدمها الملف اللبناني، بانفتاح دولي على دمشق، من باب الإليزيه.
انفتاح لا شك في أنه لن يكون مجانياً: عنوانه «إقران القول بالفعل»، أي تخلي سوريا عن دورها «المعرقل»، والمساعدة في تسوية جملة من الملفات، أبرزها الملف النووي الإيراني، بعدما باتت التسوية مع إسرائيل متوقعة «بين ستة أشهر وعامين».
بهذا المعنى يكون ساركوزي، «صديق إسرائيل» وربيب جورج بوش، قد أفلح، أو هكذا يعتقد، حيث فشل الآخرون: استدراج سوريا إلى خارج «محور الشر» على أمل «فك عناق الدب» الإيراني لها، ناهيك عن الاحتفال التطبيعي المتوسطي.
ذلك كله جرى في ظل رضى أميركي (أو عدم اعتراض بالحد الأدنى). موقف تختلف التفسيرات بشأنه: تعزيز لموقع حليف أخذ دور طوني بلير في أوروبا. تسليم بدور لقارة قديمة، غدت أميركية الهوى، في شؤون المنطقة. أو إعطاء فرصة للحليف الأوروبي لاستنفاد الطرق الدبلوماسية (مطلبه الأساس)، تبريراً لخيار عسكري تريده واشنطن بإجماع دولي.
أياً يكن من أمر، فإن ما جرى مع سوريا ينتظر اختباراً لنواياها الحقة خلال الأشهر المقبلة. وما جرى في «قمة المتوسط» يظل المستفيد الأوحد منه أوروبا، التي أرادت من خلاله أن تقول لقادة الضفة الجنوبية: أبقوا فقراءكم وقذارتكم وإرهابكم بعيداً عن شواطئنا.
تبقى ملاحظة أخيرة: إذا كان أنور السادات سباقاً في استشراف الهرولة العربية للصلح مع إسرائيل في القرن الماضي، فالخوف، كل الخوف، أن تسود مدرسة أبو مازن في القرن الحالي.
...رحم الله جاك شيراك.